مات الحاكم العسكري للبلاد, ورغم ان حكمه لم يدم طويلا إلا انه العراقيين طبقوا تعاليمه بحرفية تامة,فهو في نظرهم مخلصهم من حكم الديكتاتورية والحزب الشمولي,لكنهم وللأسف تجردوا من كل شيء  يبث الى الانسانية,بل اجزم ان الحيوانات المفترسة لم تقم بذلك,فعمليات القتل والتهجير والتدمير الممنهج بحق بني (جلدتهم-التي غيروها اكثر من مرة وفق مصالحهم) التي قاموا بها فاقت كل تصور,سرقوا نهبوا اهدروا ايرادات النفط على مدى سنوات,وظفوها في الاقتتال فيما بينهم ,لم يتقدم العراق قيد انملة في اي من مناحي الحياة,اللهم إلا الفساد المستشري الذي اصبح ظاهرا للعيان.

حلّ بريمر الجيش العراقي لأنه يرى في وجوده استمرر العراق كدولة وشعب,الذين اتوا بعده كونوا عدة جيوش طائفية ومذهبية,هل يعقل ان الجيش الرسمي للبلاد وقد خرجت من الفصل السابع لا تقوم الحكومة بتوفير كافة الامكانيات لأجل القيام بدوره في حماية الوطن من التهديدات الخارجية؟ بينما الحشود الشعبية الموازية وما اكثرها تمتلك الكثير عددا وعدة ويعولون عليها؟.بل يزداد نفودها وتغدق على منتسبيها الاموال الطائلة ؟قد يكون تشكيل هذه الحشود مقبولا في بداية الاحتلال لأجل التحرير,لكن استمرار وجودها يشكل خطرا داهما على وحدة التراب العراقي.

الدول الاقليمية تسرح وتمرح في البلاد,لكل منها عملاءها في سدة الحكم,بل نحسبهم يرعون مصالحها,العراق لم يعد يمثل لهؤلاء إلا بقرة حلوب,اما الاخرون(الشعب) اصحاب المصلحة الحقيقية في الثروة فإنهم غير قادرين على سد رمقهم,تستمر معاناتهم الاخذة في التأزم.

لقد تم افراغ العراق من خيرة ابنائه,فالعلماء في مختلف المجالات تم ترحيلهم الى الغرب للاستفادة منهم ومن لم يقبل تم قتله بدم بارد على ايدي العملاء,اصحاب المهن ورؤوس الاموال البسيطة تمتلئ بهم دول الجوار للمساهمة في تدوير عجلة الانتاج.

نجزم يقينا بان من اتوا على ظهور الدبابات هم سبب خراب البلاد ولا يملكون اية ذرة من الوطنية,استنسخوا بريمر لأنهم يرون فيه سر بقائهم وتسلطهم على الشعب العراقي وإذلاله وإهدار مقدراته والعمل على تحقيق مصالح الدول الاجنبية,التي تتمنى بقائه مشرذما,بعد ان كان البلد يمثل قوة اقيليمية يحسب له الف حساب,ولم تجرؤ اي منها على مهاجمته منفردة,بل سعوا الى تفتيته.

ان العراقيين اليوم احوج ما يكونوا الى ظهور غاريبالدي او بسمارك محلي,لأجل رص الصفوف وتجميع الامكانيات وتوحيد البلد تحت راية واحدة تنعم فيها مختلف مكونات الشعب بالأمن والطمأنينة واستثمار عائدات النفط بما يحقق لها الرخاء ويجعل البلد في مصاف الدول المتقدمة .

الشعوب تصنع الطغاة لكنها في ذات الوقت بإمكانها البحث عمن يحقق لها اهدافها في التحرير ولم الشمل,البلاد حبلى بالوطنيين الاحرار الذين قلوبهم على الوطن,فقط شيء من الدعم الشعبي ,عندها ستعجز النفوس المأجورة في فرض سيطرتها وترضخ لإرادة الشعب وتصاب بالذعر وترحل الى اوكارها خارج البلد,تاركة الوطن لأهله(لن يبقى في الوادي إلا حجره),فالعملاء لا يقوون على مواجهة الاعاصير,وما ذاك على الشعب ببعيد لو خلصت نواياه وتوحدت جهوده.