عادت الحياة تنبض من جديد ، وإنتعشت النفوس بعدما ظنت أن الموت محاصرها من جميع الوجوه ، تعلقت القلوب بالأمل المرئي بالعيون المجردة والذي لا يحتاج منظار السنين الضوئية لكشف المستور وبناء القصور وتزيين المقابر وهتك الأعراض وإنزواء الشرف والكذب المقيت والنفاق الفج والخداع ورسم البسمة والضلال في وجدان البخلاء والمستفيدين والجهلاء والمستغلين والشاذيين فكريا ومجتمعيا ، بدأت العقول للعمل للحظة الأولي بعد ثماني سنوات من العجاف ، وأدركت بعدما ذهبت في غيبوبة طويلة وعاشت علي التنفس الصناعي لا حول ولا قوة وسألت نفسها مع نفسها ، من ساندت ! ما هو الأصل ! وماذا يريد منا ! وماذا فعل ! وكيف كانت النية المبيتة ! فالواقع لا يكذب والإحساس لا يخدع ، والشعور في الشوارع مكشوفة لا تجد ما يحجبها ، بطون إستجارت بالكفار ، وعطش وناس مساكين إفتكروا السبيل متاح ورحمة فما كان جزائهم إلا الموت والتعذيب ، وإمرأة عجوزة لا معين لها ولا معاش نبشت في القمامة بحثا عن لقيمات يقمن ظهرها ، وبسطاء مهمشين سكنوا في العراء واغتصبت أموالهم في سبيل رفاهية الأسياد المتحكمين ، وعلماء أصابهم الجنون وفقدوا أغلي ما يملكون عندما وجدوا من لا يقدرقهم ويعلو بشأنهم ويطبق أبحاثهم ، وفلل ومباني فاخرة سكنوها الأشباح من الفراغ وكثرتها ، يطبقون حكمة الفليسوف والمفكر العالمي جورج برنارد شو عندما قال " نعلم أن الروح هي الجسد وأن الجسد هو ... يقولون لنا إنهما مختلفان ليقنعونا أن بإمكاننا الإحتفاظ بأرواحهنا إذا ما تركناهم يستغبدون أجسادنا " ، وأزيد أيضا والتفكير في قوت يومهم مثل الكلب الذي تقدم له لقمة بيفرح ثم تأخذه منه ويكفي الكلب الشعور بلذة الشبع لثوان معدودة ، عندها فقط سوف يمتلكون خداما طائعين علي أي شيء ينساقون كالحمير والبغال والخراف ، وعند الفيلسوف سقراط سلاح الخوف ينتج الآلاف بل الملايين من العبيد ، وليس الوعاء كله نتن فلدينا أبناء شرفاء ضحوا وسوف يضحوا بأنفسهم ، وأرواحهم تزهق فرحا في سبيل حريتكم والتطلع للكرامة في العيش والعدالة لكم ، وأبهروا العالم من شرقه لغربه ومن شماله لجنوبه ، وبعد ما فعلوا جاء السارقون الواحد تلو الآخر ولعبوا علي المشاعر والدماء والمسرحيات والأفلام والروايات وإعلاء العار والخسة والندالة ، ففي  رواية أنس ابن مالك رضي الله عنه عن رسولنا محمد صل الله عليه وسلم أنه قال : اتقوا دعوة المظلوم ، وإن كان كافرا ، فإنه ليس دونها حجاب ، صدق رسول الله ، وسيدنا علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه حيث قال في حكمه وبلاغاته " حين سكت أهل الحق عن الباطل ، توهم أهل الباطل أنهم علي حق " ، وها هي الفرصة تعود من جديد ، لا تتوقفوا في منتصف الطريق بدأ السيل ولن يستطيع أحدا كان بإذن الله مهما علي شأنه ، الأسد مرعوب وخائف من الجميع ونبراته العالية إنخفضت تحت ثورة الأبرياء وحاشيته الجبناء صدموا من هول المفاجأة ، وتحركوا وزادوا في المكر والدهاء ، ولكن ليس ككل مرة في خططهم الآثمة سوف تخضع الوجوه وتنحني الهامات تحت وطأة الخوف والتعذيب والتقييد ، وإلقاء المتمردين ورعاة التنوير والنشطاء الشرفاء وأصحاب الآراء والأفكار وراء القضبان وأسوارها لعلهم يكونوا عبرة لغيرهم ومن يهوي العدل في التمكين ، والمساواة في الحقوق والواجبات ، الطيور خرجت من محسبها ترفرف بأجنحتها فوق كيانات الظلم والفساد وتنقر عشهما وتعلو صيحاتها ، وكل يوم يخرج طائر جديد يشاطركم الحقيقة ، لجام الخوف إنفك من علي الأفواة وتسابق الفرسان في المضمار ، لن يوقفهم أي كان في الأمصار ، مواقع عجت بالحراك ، الكل يعبر ويؤيد الحق ويظهره في وجه الباطل ، لا ترجعوا للخلف ولو لخطوة واحدة فالقطار إنطلق بسرعة غير مسبوقة ، محمل بالباحثين عن الحرية وعجلاتة التي كانت دوما تدهس البسطاء تحتهم الآن تشتاق للمستبدين الفاسدين لأخذ الثأر ، شعاع النور أنار الطريق للشعب المقهور وأعمي عيون الظالمين ، ضربات السوط المتتالية بيدكم انتم بتوقفوها ، تجموا وتوحدوا ولا يغرنكم تكبر الذين فسقوا في البلاد ، ولا ترهبكم قوتهم المزيفة ، فانتم بعد الآن الأسياد ، ذهب عهد العبودية بلا رجعة ان شاء الله واللي أحسن رغم أنف الكارهين ، أنتم الآن المهاجمون وهم راكنون للدفاع ، ألاعبيهم مكشوفة وخداعهم أهوج وتبريرهم شبهة تثبت التهم علي مرتكبوها ، يتساقط الظلم مهما طغي وإشتد وتخيل أنه للإستمرارية مؤبدا ، دستور الشعب لا يغير لفرد ، مرض لعين إبتليت به الأمة ، ألسنة حجبت وطعام وشراب ونوم علي بقايا القمامة وقلة باغية متجبرة تتكون من ثلاثة أضلاع في النعيم تتمرغ وتتقلب واليوم وغدا سيشهد التاريخ علي زوالهم وإلي مزبلة التاريخ مأواهم ، توهجوا أيما توهج لا تجعلوا لهم غفوة ، سيجي اليوم كل المتعالين والمستهبلين تحت ضربات الشباشب والصنادل والجزم يعانون ويعرفون أن الله حق ، وأن الله أبدا لن يرضي الظلم لعباده وإن استمر واشتد فانه يؤخره ليوم موعود ومصير محتوم ، ويمهل ولا يهمل سبحانه الله وبحمده ، هو الله الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الباريء الخالق المصور الغفار القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط .....................