المرآة والعین لھما الظاھر فقط، كل الأطیاف تتجمل وتتأنق وتزھو بلباسھا؛ لتطمئن على مظھرھا الخارجي. وتحرص دوما أن تظھر بصورة جمیلة وحسنة أمام الآخر.

الأناقة وحسن المظھر من ضروریات العصر الحدیث؛ حتى الطبقات المخملیة، ممن یسمونھم نجوم المجتمع، یھرعون إلى علمیات التجمیل لتحسین أشكالھم وأجسادھم؛ ھروبا من آثار ماضي

السنین التي تطاولت علیھم، ویعیشون ”زمنھم وزمن غیرھم“! ویصلحون ما أفسده دھرھم، الكل یتسابق لتحسین ھیئتھ الخارجیة، حتى الطفل الصغیر بفطرتھ العفویة متى ما غیر ھندامھ جرى

نحو المرآة ونظر إلیھا، یضحك مسرورا إذا رأى ما یعجبھ.

ِ شكرا لك أیتھا المرآة، وقفت ِ صامدة، ولم تشتكي یوما أو تعضي الأنامل من سوء طویة أفعال بعض الوجوه، ولو اطلعت على القبح الذي تحملھ ضمائرھم المشرئبة نفاقا؛ لتھشمت ِ رعبا وتصدعت

ذھولا!، نفوس وصولیة تبطن غیر ما تظھر، تتجمل بالمظھر، وابتسامة صفراء وحلاوة باللسان؛ لتدوس على الكرامة بكل ما أوتیت من جبروت وقوة!، ویبررون ذلك بأنھ ”إتیكیت“ وضرورة

حتمیة ”عذر أقبح من ذنب“، حیاتھم انغمست بالخداع والسخریة؛ لیرقوا على سلم التزلف خطوة خطوة، ویصبحون واجھة المجتمع وزمام أمرھا!.

یا لسخریة الأقدار، عندما تطلب من منافق وأفاق یصلح مجتمعا! وتكمل حلقة الأقنعة عندما تتسابق الصحف والمجلات والمواقع بلقاء ومقابلة صاحبنا المقنع، تجدید الأقنعة ”المبطنة“ خارجھا

فیھا الرحمة وداخلھا من قبلھ العذاب والھلاك، كم ضیعت من حقوق، وكم جنت على أمة ومجتمع، لتسكت لسان الحق، ویظن من بقلبھ صمم وسذاجة تفكیر أنھا ظاھرة صحیة!

وتكثر أخطاؤنا مضاعفة.. وبعد ذلك من یصححھا طالما وضعنا أسوار منیعة من الكذب والنفاق حاجزا لھا؟

ومضة:

ھناك أقنعة مباحة، كارتداء قناع السعادة في أشد لحظات الحزن والضیق، والظھور بصورة سعیدة في محاولة بائسة لمحو نظرة الشفقة والانكسار، ویظل قناع المشاعر الزائفة، من أصعب

الأقنعة على الإطلاق؛ نظرا لأننا في الأساس مجتمع عاطفي، ویسھل خداعنا بتلك المشاعر، وتتوالد عناقید الأقنعة الكاذبة كوسیلة وغایة؛ للوصول إلى تحقیق أھداف خاصة، وعلى حساب مصالح

ومشاعر الآخر