تعيش القصّة القصيرة واحدةً من أبهى عصورها الأدبية في تمازجٍ جميل بين الأجيال بشكلٍ مختلفٍ تماماً عن الأجناس الأدبية الأخرى التي تعاني من فجوات بين الأجيال ،ونلاحظ وجود نتاجات جديدة ومميزة بشكل مستمر خاصة من الأقلام الصاعدة والواعدة التي قدّمت تجارب عصرية مختلفةً عن السائد تعبر عن أدوات عصرها بامتياز.
إن القاص العصري يمتلك بيئة خصبة للإبداع وخاصةً في القصة القصيرة جداً التي برزت وانتشرت بشكلٍ كبير بين القرّاء وهي تعتمد في مجملها على التبسيط والتكثيف والإيجاز،وتبدو في الوهلة الأولى عبارةً عن ومضةٍ عابرة تذكّرنا بقصيدة النثر،إلا أن القصة لها سياق ودلالاتٌ أخرى مختلفة عن الشعر.
وعلى عكس المتوقّع تعد كتابة القصة القصيرة غايةً في الصعوبة نظراً لاختزالها الفكرة والمضمون في سطورٍ معدودة وأحياناً بضعة كلمات،لذلك توفر شرط الإدهاش والتشويق بشكلٍ دائم في هذا اللون الأدبي الجميل.
وفي الإمارات العربية المتحدة،يعد الأديب عبدالله محمد السبب هو رائد القصة القصيرة جدا،وفق حوار أجراه معه القاص محسن سليمان في مجلة بيت السرد باعتبار أن كتاب جنازة حب الجزء الأول هو أول كتاب نشر القصة القصيرة جداً في الإمارات،وهذا ما أكّده الناقد صالح هويدي والأديب د. رسول محمد رسول
تواجه القصة القصيرة جداً تحدّياتٍ مستقبلية جمّة لتواكب العصر ولتحافظ على استمراريتها ورونقها مع مرور الزمن،فهي تشكل محطةً كبرى من محطات الإبداع الحديث ويصنّفها بعض النقّاد أنها جنسٌ سردي جديد يعتمد على المفارقة والنوعية،فهل سيتمكّن الكتّاب والأدباء في مواجهة هذه التحدّيات،هل سيكتفون ببعض المؤلفات متباعدة الأزمان والأمكنة،هل ستقع فريسة الاستسهال والنمطية كما وقعت أغلب الأجناس الأدبية في هذه المعضلة لسنواتٍ طويلة.
رحلة النجاح لا تتطلب البحث عن أرض جديدة ولكنها تتطلب الأهتمام بالنجاح والرغبة في تحقيقه والنظر الى الأشياء بعيون جديدة
ابراهيم الفقي
رحمه الله
خبير تنمية بشرية معاصر