نولد جميعا على فطرة واحدة، تتراكم ذكرياتنا وتجاربنا وخبراتنا التي ستصنع شخصياتنا لاحقا مع الوقت لكن الأصل هو الفطرة السليمة. الخير والحب والسلام، الفرح وحب الحياة والإقبال عليها. السعي والمثابرة والعمل من أجل العيش. ثم تتداخل هذه الصفات والحالات مع صفات وحالات نقيضة لها فتنشأ مجموعات معتدلة وأخرى متحيزة تغلب عليها السمات السليمة أو السمات النقيضة.

ولا أريد الحديث عن أسباب ذلك وما يرافقه من طرق التربية وطبيعة الوالدين والمجتمع والمدرسة. لكنني أرمي من حديثي هذا إلى استعراض صفات الشخصيات التي حادت عن فطرتها وفقدت الكثير من سماتها الطيبة وتحيزت نحو النقيضة. وما ستكابده من عناء مالم تعي خطورة ما اختارته من نمط للعيش والتفكير.

عندما ألتقي بشخص "لا يحب نفسه" ينتابني الحزن والشفقة على حاله. فهذا في رأيي أتعس المخلوقات. ولست أعني بحب النفس الغلو في الأمر والتحول إلى الغرور وقد يخالفني البعض ويقول بل من حق كل امريء أن يحب نفسه حد الغلو. لكن إن تحدثنا عن الاعتدال فحب النفس صفة واجبة في كل شخص ناجح راض وسعيد.

من بين خمسة أشخاص ستجد أربعة لا يحبون أنفسهم. أو أنهم يخجلون من صفات معينة أو يكرهونها فيهم وهم غير واعين لذلك. فتجد أولئك الأربعة يكثرون من الانتقاد وإصدار الأحكام. دائمو الامتعاض وعدم الرضى عن حالهم وأحوال المحيطين بهم أو أنهم منغلقين على أنفسهم يتحاشون الآخرين ولا يحبون التجمعات.

عندما نحب أنفسنا ونتقبلنا بعيوبنا، نكون أقدر على إصلاح تلك العيوب والتحسين من أنفسنا. لكن ألا نحب أنفسنا فنحن لن نتكبد عناء إصلاحنا. فلا أحد يكترث بشيء لا يحبه.

منذ اللحظة التي سنشعر فيها بأننا صرنا على وفاق مع هذه الروح التي تسكننا. متقبلين أنفسنا بعيوبنا وهفواتنا، ستتغير حياتنا وشيئا فشيئا سيتوافق معنا الكون بمن فيه ونصبح أفضل وأجمل وأسعد.