اولا وكمدخل لهذا المقال المختصر حول مصطلح التفكير النقدي والذي ساحاول من خلاله تسليط الضوء على المفاهيم والمصطلحات الاكثر شيوعا والتي ضمنها الباحث الاكاديمي جريج هاسكينز في مقاله الاكاديمي الرصين تحت عنوان :"المرشد الى الطريقة المثالية للتفكير النقدي" .يجب ان نعرف هذا المصطلح قبل الشروع في تسليط الضوء على اهميته ولماذا يجب ان نوليه الاهتمام والدعم  بدل من التصدي لكل فكر جديد واعتباره فكرا تغريبيا او ممسوخا لثقافة ذات طبيعة بنيوية تختلف كليا عن ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا.
التفكير النقدي
يعرف جريج ر هاسكينز التفكير النقدي من المنظور العملي بأنه العملية التي من خلالها نستطيع استخدام معارفنا وذكاؤنا للوصول بعقلانية  وبشكل فعال الى افضل الحلول حول الاشكالية  المراد حلها او تبرير وجودها والتي تستوجب العديد من المحاولات  لتحديد  العقبات العديدة التي تعيقنا من استخدام تفكيرنا العقلاني بعيدا عن عواطفنا وحواسنا المشبعة او المبرمجة وفق نسق ثقافي  غير قابل للتفكيك والتفسير باستثناء ان نصادمه او هكذا يكون المنظور العام السائد.
ويعتقد هاسكينز ان الذكاء لوحده لن يجعل منك مفكرا حقيقيا او ان بمقدورك ان تمارس تفكيرا نقديا, فالكثير من العباقرة قد يكونوا ذا اطلاع معرفي عريض لكن في ذات الوقت قد يؤمنون بنظريات او افكار غاية في اللاعقلانية  او يصدقون بمعلومات غير معقولة البتة. اذا وحسب الكاتب فان التفكير النقدي هو حول كيف باستطاعتنا استخدام ذكاؤنا ومعارفنا بطريقة ما تجعلنا نصل للموضوعية والى وجهات نظر تتسم بالعقلانية, فالافكار والايمانيات التي تستند الى التفكير النقدي تكون اكثر تماسكا وصلابة من تلك التي صيغت بشكل تلقيني او عاطفي. وحسب الباحث فانه  بالاضافة الى ذلك فان  المفكرين النقديين يتميزون بانهم اقدر على حل المشكلات وفي اتخاذ القرارات الناجحة بالمقارنة مع اولئك الذين يستخدمون تفكيرا تلقينيا او كما يعتقد علماء اخرين انه تفكير يتولد عبر المشاعر المبنية على الحس والبديهة.
وحسب الباحث فان هناك من يتصور ان التفكير النقدي, هو القدرة على التفكير الواضح والعقلاني حول ما  تؤمن به او تعمله, ويشمل القدرة على الانخراط في عملية تفكير مستقلة وتأملية. والمفكر الناقد يتصف بقدرات متعددة, منها فهم الروابط المنطقية بين الافكار المطروحة ومن ثم بناء وتقييم النقاش بشكل موضوعي بعد استبعاد الاخطاء الشائغة والغير متماسكة والتي لا يمكن ان تدعم وضع تصور شامل ومتكامل حول المشكلة تحت البحث . والمفكر الناقد ينئا بنفسه من الخوض في الشخصنة او التفكير حول ماضي او عثرات الاشخاص بل يجب ان يكون النقاش حول المشكلة المراد حلها والا اعتبر نقاشا غوغائيا لن يؤدي الى شيء..
وكما سنرى لاحقا, كيف ان تحويل النقاش من النقاش العقلاني الى نقاش غوغائي سيفقد المجتمع برمته من التطوير والنمو ما يجعل قضاياه تتراكم ويصعب حلها ليجد نفسه أي المجتمع وقد وصل الى مرحلة من التقهقر والتخلف بشكل يصعب حله.
 
والحقيقة ان التفكير النقدي سيساعد في البناء والتطوير والاصلاح بما  يذلل الصعاب ويوفر الامكانات ويحقق الرفاه للمجتمع. فالمجتمعات التي تنطلق وفق رؤية مستقبلية  واضحة نجدها تسير بخطى ثابتة  في رؤيتها ويضاف ويعدل حسب الظروف والمناسبات او المستجدات ونجدها تحقق افضل الانجازات في كل الحقول والمعارف, بعكس تلك المجتمعات التي تحارب من اجل منع الاصلاح او التغيير والتطوير, هذه المجتمعات تبقى دائما تحاول مراوحة بين آلية التجربة والخطأ وهذه ألية تقليدية لم تعد مقبولة ليس لانها تأخذ وقت وجهد ومال بل لانها لا تتناسب وايقاع المتغيرات السريعة, على سبيل المثال النمو السكاني وما خلفه من معدلات عالية في البطالة وانعكاس ذلك على نوعية الحياة لمئأت الالاف من البشر والذي قد يساهم ذلك في ارتفاع نسبة الجريمة والطلاق والعنوسة والادمان وغيرها..

التفكير النقدي يجب ان يكون ايجابيا ومحايدا
.التفكير النقدي ليس التفكير بشكل سلبي حول الافتراضات  لمحاولة ايجاد الاخطاء والعيوب فيها, لكن النقد يجب ان يكون حياديا و عملية تقييم غير متحيزة ضد الاخر او منحازة لانفسنا او لثقافتنا المتغيرة بطبيعتها, وفق الباحث.
فغاية التفكير النقدي ان لا  يكون الهدف منه ان نجعل الناس تبدو متشابهة في الافكار, لسبب بسيط  فان التفكير النقدي ولكي يكون فاعلا وعقلانيا فانه يجب ان يكون بعيدا عن قيم ومبادىء الشخص, وهذا يفسر لماذا ان اثنين من الناس يكونا بارعين بالتساوي في التفكير النقدي, ولكن ولآن لديهم قيم ومبادىء مختلفة فانهما يتوصلان لنتائج مختلفة كليا. بالاضافة , الى انه سيكون هناك اختلافات دائمة في التصورات والاحتياجات الاساسية العاطفية والتي ستمنعنا من التفكير بطريقة مشابهة, كما يعتقد الباحث.
  والتفكير النقدي لا يخيف الفردانية ولا الشخصية, انه ربما يرفع نسبة موضوعيتك ولن يغير طبيعة من تكون ولذا فان التفكير النقدي ليس ايمان او عقيدة, انه منهج عقلاني تستطيع من خلاله تقييم الايمان او المعتقد الذي هو بحاجة الى مراجعة وتطوير وهذا سيساهم في استمراره وثباته. فعدم تطوير الافكار وحتى المبادىء والقيم قد تصبح مع الوقت غير مقبولة وربما تواجه بسخرية  وتهكم.
كيف تصبح مفكرا ناقدا؟
اهم خطوة  في طريقك لكي تكون مفكرا ناقدا محترفا ان تطور  موقفا صحيحا, وهذا الموقف يتجسد في الخصائص التالية, حسب الباحث:
 ان تكون ذا عقلية منفتحة
• الشك الصحي
• التواضع الفكري
• التفكير الحر
• الطموح العالي
وحسب الباحث فانه قد تبدو الخاصتين  الأولين متناقضة، لكنها ليست كذلك. فيجب ان يكون المفكر الناقد مستعدا للتحقيق في وجهات النظر المختلفة عن وجهة نظره. وفي نفس الوقت عليه ان يدرك متى يجب ان يشكك في الادعاء الذي لن يفيد القضية تحت التحقيق.فالمفكر الناقد يجب ان لا يكون "مؤدلجا دوغماتيا" ولا تابعا يسهل اقناعه. فحينما تكون متفتح ويساورك بعض الشك في القضية المطروحة فهذا يعني انك تبحث عن الحقائق, ومصادر المعلومات, والعقلانية لدعم المواضيع والقضايا التي نبحث عن التحقق منها لكي يكون حكمنا حكما نزيها وعقلانيا. والتحقق في المواضيع  من عدة اوجه وبشكل عقلاني للبحث عن النقاط الجيدة والسيئة في القضية التي تحت التحقيق, والقبول بالواقع في حال ان وجدنا انفسنا على خطأ, وعلينا الاستمرار في البحث عن الحقيقة او الاقرب للحقيقة قدر المستطاع, بدلا من ارضاء ومجاملة الاخرين, او تعمد ايجاد اخطاء منطقية في وجهات نظرهم.
ويرى الباحث ان الكثير من الشك سوف يقود الفرد الى الشك في كل شيء ما يجعله يسلم بلا شيء. بينما القليل من الشك سوف يقود الفرد الي العفوية والتصديق.
 ما التفكير الذي لا يمكن ان يكون نقديا.؟
.التفكير النقدي ليس التفكير بشكل سلبي حول الافتراضات  لمحاولة ايجاد الاخطاء والعيوب فيها, لكن النقد يجب ان يكون حياديا و عملية تقييم غير متحيزة ضد الاخر او منحازة لانفسنا نحن.
فغاية التفكير النقدي ان لا  يكون الهدف منه ان نجعل الناس تبدو متشابهة في الافكار, لسبب بسيط فان التفكير النقدي ولكي يكون فاعلا وعقلانيا فانه يجب ان يكون بعيدا عن قيم ومبادىء الشخص, وهذا يفسر لماذا ان اثنين من الناس يكونا بارعين بالتساوي في التفكير النقدي, ولكن ولآن لديهم قيم ومبادىء مختلفة فانهما يتوصلان لنتائج مختلفة كليا. بالاضافة , الى انه سيكون هناك اختلافات دائمة في التصورات والاحتياجات الاساسية العاطفية والتي ستمنعنا من التفكير بطريقة مشابهة.
  والتفكير النقدي لا يخيف الفردانية ولا الشخصية, انه ربما يرفع نسبة موضوعيتك ولن يغير طبيعة من تكون
ولذا فان التفكير النقدي ليس ايمان او عقيدة, انه منهج عقلاني تستطيع من خلاله تقييم الايمان او المعتقد الذي هو بحاجة الى مراجعة وتطوير وهذا سيساهم في استمراره وثباته. فعدم تطوير الافكار وحتى المبادىء والقيم قد تصبح مع الوقت غير مقبولة وربما تواجه بسخرية..

تحليك بالتواضع الفكري يعني تمسكك مبدئيا على الاراء التي حصلت عليها مؤخرا, واستعدادك لتفحص براهين وجدليات جديدة حتى لو انتهى تحققك الى اكتشاف عيوب في اعز المعتقدات لديك, التوقف عن التفكير في ان الموضوع المعقد يمكن تخفيضه الى حق وباطل او صح وخطأ, وكذلك في بداية التفكير بدرجة عالية من الوثوقية او الرمادية في التفكير..ففي بعض الاحيان "لا اعرف" ربما يكون موقف حكيم كما يقول سقراط, الغرور والتكبر لا يليق بالمفكر الناقد". 
والمفكر الناقد يجب ان يملك عقلية مستقلة, اي ان يكون مفكرا حرا, ولكي تفكر بحرية, على المرء ان يكبح رغبته في ان يكون متوافقا مع السائد في المجتمع لكي يتجنب النقد او المضايقة  او الحرمان  من الامتيازات المجتمعية, بل عليه ان ينتقد اذا ما كان في نقده توجيه وتحسين وتطوير وبما لا يتعارض مع توجهات الدولة او المبادىء والقيم الدينية الاساسية.

د. سالم موسى القحطاني