عندما تكثر المعطيات والأدلة وتظهر النتائج جلية علي مرأي ومسمع من الجميع ، فأحيانا تكون الحكايات والروايات قد تم تغلفيهم بالسم باطنيا وبالعسل ظاهريا ، وتكون محبوكة بشكل دقيق جدا فيصير في العقل شيء ما لا يكاد يتوقعه كالتوهان والصدمة والذهول وعدم وضع الأمور في نصابها الصحيح ، والتفنيد الخاطيء للأحداث ، وعلي غير مهل تعطي الأحكام المسبقة ، في زماننا هذا يصدق الكاذب ويكذب الصادق ويؤتمن الخائن ويخون الأمين ، الحق أصبح شعرة بين بحور من مستنقعات الباطل ، الخير الكثير لقلة مارقة مع رفاهية فاقت الخيال ، السيارات الفارعة مصدر للتفاخر وعدم الإحساس وطريق ممهد للشهوات ، وفي الجانب الآخر عجلات القطار تدهس تحتها ضحايا الإهمال وعلي سطحها توقد النيران في الأجساد وعلي قضبانها يجلس الفقراء والمشردين ، ومحاصرين بالبؤس والشقاء والتهديد والوعيد ، وجزاهم الله خيرا هؤلاء فقد كتبوا بصك العبودية ملبسا وطعاما وشرابا للأغلبية ، لا نحتاج لمن يرينا الفساد فبلا شك الكل يحس به ويدركه يوما بعد يوم وشهرا بعد شهر وسنة بعد سنة وعقدا بعد عقد وقرنا بعد قرنا ، الفرح بالفضيحة لن يقدم أو يأخر ، فالتحكم والأمر الواقع فاق الحد المعقول وتوغل في كافة الصفوف وتم حمايته بأسوار وسلاسل حديدية داخلية وخارجية عصية علي التدمير ، ولكن هيهات فإرادة الشعوب لا تنكسر ولا تلين ، تصبر ولا تبيع ، تتمسك بالأمل وتترك اليأس وخيبة الجلوس ، ما أبغض من في سبيل كرهك لشخص ما أن يجعلك تكره عائلته وتنسفها من جذورها بالكامل وننسي تضحياتهم الجسام ، فالشرف هم عنوانه ، والكرامة هم حراسها ، والعزة والفداء هما رجالهما ، من كان سلاحهم الله وأكبر أبدا لم ولن يسقطوا ، وهكذا سوف تكون المعركة معهم وضدهم خاسرة ، هدم الأشخاص لا بأس إنما هدم الكيان لا وألف لا ، لا تعطوا الأعداء السكين لكي يغرزه في بطن الشيء الوحيد الباق المتماسك والمحافظ علي الأمة من الإنهيار والنزول مع الفوضي وفي أعماق القاع ، تطهير النفوس الغير سوية بأنفسها من الآثام أفضل والهدف المنشود ، العدل يطبق علي الجميع بلا إستثناء ، من يقول ! لا يقول الحقيقة كاملة يلعب فقط بالوقت ، ومن ثم يطيل أمد المواجهة التي لا تكشف إلا بعض الأوراق الصغيرة وقليل من التشويق ، ومن يدافع يجهل كيفية الرد ويلعب علي المشاعر والأحاسيس ، الحقيقة تري بالعيون ولا تحتاج الدموع ، القهر يكسر النفوس ، الملايين تصرف في لعب القمار ، وتوزع القصور والفيلات علي المستفيدين والمستغلين والمنافقين والفنانين الشاطرين والعراة والراقصين علي الأحبال ، وعلماء الدين المنوط بهم القيادة والنصيحة والتوعية من اللبس والغبن والإختلاف صمتوا صمت الجبال بئس ما فعلوا وزادوا وقوفا عند أبواب القصور خداما ، فلماذا الكل الآن يتذكر البسطاء وأوجاعهم ، أين كانوا عندما أخفوهم عن الخريطة ، وفي القاع أكرموهم ثم حرموهم حتي من نسيم الهواء ، مساكن في البدروم تحت مساكن الأسياد ، حلقات في مسلسل هزيل ، حلقاته مملة ، فكرته عقيمة ، حبكتة فارغة ، سرد الأحداث مع الدخان رسالة لمن ! إخراجه فانتازيا أقرب للهواة ، السباحة ضد التيار أوقفت النبض في القلوب وشتت العقول وضيعت الأحلام ، وتعالت الصرخات لن أعود سأعبر البر الثاني أو أموت ، غربة دفعت ثمنها مقدما ديونا وتنازلا رغبة في رؤية الشاطي الآخر ، مراكب موت تحدد النسل بغرق كافة الراكبين علي ظهورهم ، شهادة أن لا إلا الله وأن محمد رسول الله تصعد إلي رب السماء إستغاثة اللهم إنتقم من كل جبار ، أرغمني علي التهلكة من غير ثمن ، أوراقهم مدفونة تحت التراب ، غفوة طالت تحت قباب المستبدين ، ألسنة كانت يوما ما شجية تنطق ب حر الكلام أصبحت الآن مقيدة وراء أسوار المنتجعات وكثرت الزنازين في الغرف ، وإن خرج العضو منها بحث عن أقرب حيطة يحتمي بها أو يصعد فوقها أو يختبيء بداخلها ، أراضي وجزر ومياه بكت علي الفراق والتفريط ، دماء علي الأسفلت بعدما كانت في الأفلام أصبحت حقيقة وشهدت الأرض ورمالها علي الألوان ، فيروز تنادي وغيرها يقطع الطريق ، شعب رضا بالهوان ، واحزناه جرفت أغصان الزيتون وهجرت الورود وضاع رحيقها ، طيور دخلت مساكنها خوفا من كل سوء ممكن ان يمسها وطلبت أجازة ممكن تطول تنتظر الموت أن يختطفها علي حين غرة ، أين العمل والجهاد ضد الظلم والظالمين والدفاع عن المقدسات ، الشك يحتل كلا الشاطئين ، كلاهما كذاب أشر ، وبحر يبتلع الأبرياء ، مصير مجهول في الأفق يجري كالوحوش في الإنقضاء علي الفريسة التي لا حول ولا قوة لها ، فلسفة في مدينة فاضلة بعدت عن الأخلاق والمنطق المأمول ، غيبوبة في فهم الأحداث ، راحة بال في الخنوع والقنوع والإعتزال ، وحدة فرضت فرض علي المريدين ، دروايش في كل مكان ، لصوص علي القمة في كل الأركان متنعمين ، كلاب وفية لأصحابها وتنفذ ما يريدون ولا يغادرون ، يا فجر قرب كفانا مؤامرات تدبر في ظلمات الليل مع تعذيبات وسرقات ، مستنين الأحلام تتحقق وتشرق الشمس بعد طول الغياب ، قمر ينادي من بعيد ، أبدا لن تستمر كآبة الظلمات ، مطر ندعو من الله أن يطهر النفوس ويمنع التشقق والحرمان ، أساطير في إصطبلات الخيل مخفيين ، في السباق متصدرين ، شرايين نذفت الدماء وما زالت تقاوم الآخر حتي آخر نفس متاح ، لا تبكي يا وطني فما زالت بداخلنا روح الإنتماء ، عزائنا الوحيد أننا حاولنا وقمنا بثورة بيضاء حضارية شهد بها العدو وأرهبته قبل الصديق ، والامل في الأجيال الجديدة أن يحققوا مالم نقدر علي تحقيقه ، لا تحزن يا وطني رغم الحصار طالما يوجد هنا وهناك أناس لم يذهبوا مع الطاغوت ...............