كلما تطوّر العالم كلما ظهرت آفات وأسقامٌ غريبة وجديدة علينا،وفي عصرٍ تكنولوجيٍ بحت التهم الأخضر واليابس من التاريخ القديم وقضى تقريباً على المطبوعات الورقية اللهم إلا العشّاق الأوفياء لرائحة الورق وصوتها الأصيل الذي يزرع المعلومة في الدماغ،في زمنٍ اختلط فيه الحابل بالنابل وأصبحنا نعاني من سعارٍ مرئي مخيف،حيث يتسابق الكثيرون إلى الظهور دون سببٍ معيّن ومقنع،فقط الظهور من أجل الظهور على حساب الشكل والفكرة والمضمون.

وفي الحقل الثقافي العريق،برزت لنا كائناتٌ فضائية شبيهة بوحوش مسلسلات الكرتون المبدلجة ( غرندايزر،جونكر وغيرها )

لا هم لها سوى التنظير والإفتاء والاستعراض وإهدار الوقت ليس إلا.

هذه الكائنات الغريبة لها محبون ومتابعون كثر،والغريب أن حصادهم الأدبي لا يعادل ٥ % من نسبة النجاح في عالم الثقافة،والأغرب أن مؤلفاتهم إن وُجدت لا تحرّك ساكناً ولا تضيف شيئاً سوى مزيد التراجع والهبوط والتذبذب في أسهم الأدب والفكر.

هذه الكائنات العجيبة تتقن حرفة نسف السابق واللاحق بامتياز،وتجيد تسويق نفسها بجودةٍعالية،وتجيد كيل المديح إلى نفسها ليل نهار ،هذه الكائنات الخارقة أصبحت قادرةً على تقييم وإصدار الفرمانات العلمية في لمح البصر،فهي التي تقيّم وتحدّد وتجيز ما تشاء والطامة الكبرى أن بعض دور النشر تستعين بها معتقدةً أن هذه هي ثقافة العصر !

 لقد تناولنا مراراً وتكراراً الأدعياء والدخلاء والمتسلّقين الذين أفسدوا عالم الثقافة ،إلا أن هذه الكائنات المثيرةمصابةبمرضٍ خطير يدعى ( الشُهرة ) ولاشيء سواها وهي تضحّي بكل شيء من أجل هذا الهدف الخطير والمهم واختارت ميدان الثقافة لتتوغّل في الجسد العليل الذي ما أحوجه اليوم إلى أطباء نفسيّين يعملون جنباً إلى جنب مع النقاّد الكبار للتخلص من هذه الآفات المدمرة !