كانت غيداء فتاة حالمة بحق ، تحلم كثيرا تحلم صباح مساء ، هنالك غد وهنالك عريس منتظر وهنالك شهادة بكالوريوس قادمة وحفل تخرج جميل جدًا ماكثًا ينتظرها ، قريبًا جدًا ستغدو هي إحدى ملكاته .
غيداء فتاة فلسطينية قروية بسيطة لكنما هو قلبها من يجيش بالطموحات ، تنوي عمل الكثير لأهلها الفلسطينيين تنوي كذلك تحقيق شيء من الرفعة للقرية التي تحبها كثيرًا "دير ياسين " ، هي تعلم أن دائرة الحرب على أشدها بين فلسطين والإسرائيليين لكنها مثلها مثل كل شاب وفتاة وكل طفل فلسطيني يجري الإباء في دمها بدلًا من الدمِ !
فيما بعد بعد ليلتين فقط لن تكون هناك غيداء ولن يكون هناك دير ياسين ، في التاسع من أبريل عام ١٩٤٨ ستجري مذبحة دير ياسين ، وستقتحم قوات اليهود في الثالثة فجرًا القرية المسالمة البسيطة بثلاثمائة جندي إسرائيلي مدرب محنك ومزود بالأسلحة والخناجر ويفتحوا النيران على أكثر من ثلاثمائة آخرون هم كل سكان دير ياسين ، سيُهلكوا الأطفال والنساء والشباب والمسنين دون ذرة تمييز ، سيلقون القنابل اليدوية داخل البيوت لتنفجر بالأخ والأخت والطفلة الصغيرة والأب والأم،الكل أشلاء .. الكل دماء في دماء !
ومن بقي سيجمعونهم في الشوارع ويأمروهم بحفر قبورهم بأنفسهم، تخيل هذا : الدماء تغطيك، يدك فقدت منها اصبعين والألم يمزقك ، للتو قبيل ثوان شاهدت مصرع أمك وزوجتك وطفليك الحبيبين وأنت الآن معفّرٌ في التراب تحفر قبرك بيديك وهؤلاء السفاحون حولك يخبطوك على رأسك ببنادقهم الثقلية ، ثم طاخ ولا شيء آخر !
والقلة الناجية أخذوها في احتفال صاخب للمدن اليهويدية يصرخون نشوة وجذلًا ثم أعادوهم لقريتهم المنكوبة أعادهم لحضن الوطن وأطلقوا عليهم الرصاص جوار أحبتهم .
أما غيداء ماذا حصل لها ، غيداء كان مصيرها أشنع نوعًا !
ليتها ماتت برصاصة ليتها تمزقت أشلاء بدويّ قنبلة لكن لا غيداء كان لها ميتة مختلفة ..
بعد أن سمعوا الدوي وصوت الرصاص والعويل والصريخ وكادوا يفقدون عقلهم اقتحموا بيتهم أخيرًا ، غيداء وأختها وأمها وأبيها وأخيها الأكبر والطفل الصغير محمود ، الآن شهروا فوهات المدافع في وجوههم ، الآن سحبوا غيداء في منتصف دائرة أهلها هم أطرافها، الآن أمام أبيها وأخيها والطفل الصغير جردوها من ثيابها ، الآن اغتصبها الحنود واحدًا تلو الآخر ، الآن بدأوا طقوس التعذيب أمام أهلها فقطعوا نهديها ثم عز عليهم أن يرحموها برصاصة فألقوها في النيران ليتلذذوا بسماع صراخها وهي تحترق ، ثم أفرغوا الرصاص في أهلها الذين ماتت قلوبهم بالفعل مع احتراق الابنة ، مع احتراق غيداء .
لا تقل لي من فضلك أن أنسى مذبحة دير ياسين ، لا تقل لي أن تلك قضيتهم وشأنهم لا شأننا ، لا تقلها لي حتى لا تجدني يومًا في مكان غيداء !
"إنه شئ تأنف الوحوش نفسها ارتكابه لقد اتو بفتاة واغتصبوها بحضور أهلها ،ثم انتهوا منها وبدأو تعذيبها فقطعوا نهديها ثم ألقوا بها في النار ".
من شهادة مراسل صحفي حضر المذبحة.
Sent from my iPhone