عمى الأختيار في علم النفس
Choice Blindness in Psychology
يشير مفهوم عمى الاختيار إلى أن الناس غالبا لا يدركون خياراتهم وتفضيلاتهم. وفقا للبحث في هذا الموضوع حسب الباحثة كندرا شيري فانه "حتى عندما لا تحصل على ما تريد، فان هناك فرصة قوية أنك لن تلاحظ ذلك. وانك قد تدافع عن خيار تعتقد انك اتخذته بكامل رغبتك بينما قد يكون اختيار شخص اخر وتم وضعه بخفة اليد مكان الخيار الذي انت قد اتخذته انفا وكنت متأكد منه..
على سبيل المثال، دعنا نفترض أنه طُلب منك تذوق نوعين مختلفين من المربى وطلب منك ان تختار المربى المفضل لديك. ثم بعد ذلك تم تقديم لك مربى بطعم اخر غير الذي اخترته كخيار مفضل لك, وطلب منك توضيح سبب اختيارك لهذا المربى. هل تعتقد أنك ستلاحظ ما إذا كان المربى الذي رفضته اولا في البداية قد تم تقديمه لك كخيارك المفضل.؟!
وحسب شيري فانه في عام 2010 قدم علماء الاجتماع بيتر يوهانسون ولارس هول وزملاؤهم مثل هذا السيناريو للمتطوعين في السوبرماركت ، ووجدوا أن أقل من 20 بالمائة من المشاركين لاحظوا أنهم ذاقوا المربى الذي رفضوه قبل لحظات قليلة.وان اكثر من 80% لم يلاحظوا أي اختلاف, وتشير الى انه في كثير من الحالات ، فان الاختلاف بين النكهات يكون كبيرا جدا, يتراوح بين الحار والحلو والمر..ومع ذلك فان الغالبية لم تلاحظ الفرق لاحقا, بعد ان تم خداعهم عن طريق تبديله بمذاق اخر.
عمى الاختيار يمكن أن يؤثر على القرارات الكبيرة والصغيرة على حد سواء
لقد أظهر الباحثون كيف أن عمى الاختيار يؤثر على تفضيلاتنا ألبصرية والذوقية والرائحة ,ولكن هل من الممكن أن يكون لها تأثير على خيارات أكثر أهمية؟ حسب الباحثة شيري.
في دراسة أجرتها هول وزملاؤها عام 2013 ، قام الباحثون بالتحقيق في كيفية تأثير "عمى الاختيار" على المواقف السياسية اثناء الانتخابات العامة السويدية ، وقد طُلب من المشاركين أن يذكروا ممن الاعضاء سوف يرشحون للتصويت ثم طلب منهم اختيار رأيهم في كل من البيانات التي عرضت عليهم, وبعد ذلك قام الباحثون باستخدام خفة اليد لتعديل ردود المشاركين بحيث اصبحوا وكأنهم في الواقع يحملون وجهات نظر سياسية معارضة . ثم طُلب من المشاركين تبرير ردودهم على القضايا المتغيرة.
وتوضح الباحثة انه تماشياً مع الأبحاث السابقة حول "عمى الاختيار" ، تم اكتشاف 22 في المائة فقط من الاجابات المعدلة وأكثر من 90 في المائة من المشاركين قد أيدوا على الاقل اجابة معدلة واحدة .
وهذه النتائج تقترح أن موقفنا السياسي ربما يكون اكثر عرضة للتغيير مما نعتقد.
ما الذي يسبب "عمى الاختيار"؟
إذن لماذا يخفق الكثير من الناس في ملاحظة هذه التعديلات ؟ هل نحن أقل وعيًا بتفضيلاتنا أكثر مما نعتقد اننا نكون؟
وتجيب الباحثة "ان درجة اهتمامنا في الاختيار الذي بين ايدينا هو أحد العوامل التي قد تلعب دورا محوريا. فعندما يكون الموضوع أكثر أهمية بالنسبة لنا, فمن المحتمل أن نلاحظ عدم التطابق بين ما نختاره وبين ما نحصل عليه فعليًا.
الآثار الواقعية العالمية من عمى الاختيار
قد يكون لـ "عمى الاختيار" تداعيات هامة في عالمنا الحقيقي. فقدرتنا على التعرف على الوجوه تلعب دورا كبيرًا في حياتنا اليومية. وعلى الرغم من أننا قد نفكر في أننا ندرك جيدًا وجهًا ما كنا قد اخترناه سابقًا ، إلا أن الواقع هو أننا عمليا فقراء تمامًا في اكتشاف الفروقات الحقيقية..
وفي اعتقادي ان هذه الخاصية البشرية "عمى ألاختيار" قد تساعد طيفا كبيرا من المجتمع في تقبل التغيير والدفاع عنه باعتباره الخيار المتبقي امامهم, خاصة اذا اصبح التغيير امرا ملزما وواقعا حقيقيا.
د.سالم موسى القحطاني