هذه قصة فتاة أنهكها تعب نفسي و عمل فيها أفيون الأماني الزائفة عمله.فتاة لم تستطع أن تتقبل حقيقة أنها كانت تعيش على فتات أوهام استعذبت أن تبني عليها قصر حياتها.لكن لم تكن تع على الاطلاق أنه لا بد لهذا القصر الموشى بألوان الأوهام و التمني أن يشهد قرب أجله و سقوطه الحتمي و لم يبقى منه إلا الحطام الذي لا يمثل قيمة حتى لربع شيء قد دمر و لم يعد فيه أمل...
أهواء من خيالات متنوعة و شرودات شتى جعلت من هذه الأنثى مجرد كرة كي تتقاذفها و ترميها هناك و تجذبها هنا دون أن توقع بها في أي سلة أو مرمى...طبعا هي مجرد كرة تقذف و تتقاذف دون ملعب يلعب بها و يتلاعب بها فيه...يا لغباء هذه الانثى حين تعيش هذه الخيالات المصطنعة و المختلقة ولا ذات لها و لا كيان يستقل و يستقيم و يركز في داخلها...يا لغباءها و سذاجتها اللصيقة حين تعيش هذه الخيالات دون أن تعيش لحظة من عمرها الذي يبات يذهب هدرا و دون أن تحس منه دقيقة أو ساعة إحساسا حقيقيا...
تعلقها ببراعتها في اصطناع الأفكار المهووسة التي أحيانا تعد لها نوعا من الفخر بنفسها بصفتها تمتاز بأفكار أحسن دقة من غيرها فيما يتعلق بمختلف المدائن التي توفر فيها الحياة مساحات للتصور و النقاش...و أمر الحقائق و أكثرها الباعثة على الحزن و البؤس أنها لم تفعل شيئا كي تصبح مفكرة أو معلقة على مواد الحياة أو ما شابه من ذلك...فعلا على وسع خيالها و شساعة فكرها ،إن ملكاتها و مواهبها التي من المفترض أن تخرج معطلة أو بالأحرى بليت بكبت يمكن تشبيهه بالجدار الفولاذي الذي فرضته مصر على غزة!هذا الكبت الداشر،ألم يكن خليق هذه الخيالات التي تستهلك أغلب وقتها و تلتهم كل أيامها...يا لغباءها حين تنسى أن الوقت هو أغلى ما نملك ووجب علينا استغلاله فيما ينفعنا!
هيهات!لم تكن تفكر فيما ينفعهاهي!فتكفيها تلك الخيالات و استماع الأغاني لتأجيج شعلتها و طبخ فنجان القهوة العربي في الليل للسهر عليها!كل هذا يكفيها!و يكفيها أيضا أن تهتم أو تزاول دراستها و أعوامها العلمية أو العمل لنيل الشهادات العلمية دون التفكير في الدخول في ميدان العمل و المهن و التجارب و دون التفكير في مواعدة صديق أو علاقة مع حبيب أو قرين...بل حتى التمتع بأيام شبابها و البهجة بزينتها كما تفعل باقي قريناتها و جميع من في سنها...بل أيضا يكفيها قضاء يومها في الجامعة تتلقى دروسا لا تستسيغ من معظمها فهما ولا توليها متابعة حثيثة ثم تذهب لاجترار طبق الغداء في المطعم الجامعي..ثم تقضي باقي العصر وهي إما على مائدة المراجعة تنظر في سطور الكتب دونما تركيز أو اهتمام أو أمام واحدة من الحواسيب المتاحة تستخدم البحث على النت فيما تشاء البحث فيه من المواضيع التي معظمها خارج مربع الدراسة ...ثم تمتطي وسائل النقل لتقفل راجعة إلى بيتها دون خروجها بشيء يفيد أو يبدل نوعية فكرها و حياتها...
طبعا مريضة بالضياع!مريضة بهوس أكل عليه الدهر و شرب.بل أكلت عليها هي و شربت و اقتاتت عليه كل موعد أكل و شرب!!
يا للحسرة و الخيبة!و تريد مواصلة الدراسة للوصول للمراحل العلمية التي فوق أو الأعلى و هاهي قد فشلت في عامها الأول من المرحلة الثانية العليا من دراساتها العليا..لم تكن تكفها شهادة التخرج الأولى، بالرغم من أن أغلب الناس و الطلبة يتخرجون بها و يقفون عند التخرج بها...
هذا دون قصد مطلقا للتقليل من شأن الشهادات الأعلى بعد الشهادات العليا..فهي للأقدر عليها و الأجدر بها.
حتى هذه الخيالات و الأهواء السحيقة و السحيجة منعت عنها حتى المطالعة و الكتابة..و العمر ينقضي و الأيام تنقضي و السنوات تنقضي كما يقولون..هذا قضاء الله و قدره...هذا مرض عقلي أصاب كل شبر منها،فهي قد بليت به..أثر على دماغها و فكرها و شخصيتها و علاقتها مع نفسها ومع ما حولها و أثر على رؤيتها لنفسها و للآخرين و أثر حتى على شكل حضورها في العالم و هيئة تحركها و طريقة تصرفاتها..
هل لذلك إمكانية لإصلاح كل هذا العطب و كل هذه الإخلالات التي حلت بنفسية هذه الفتاةو شخصيتها و كيانها المهزوز؟!
يا رب،أنقذ ما تبقى من عمرها فإن ضاعت ساعة من العمر فلن تعود و عقارب الساعة لا تتراجع أبدا إلى الوراء...
ليس على الفتاة مطلقا الاستسلام لما حل بها!لأن الحل بيدها و الدواء بيدها!حاولت عديد المرات بعديد الطرق ولا عليها اليأس!فحتما لن يؤثر عليها ما أضاعته وما فقدته من حياتها فمازال أمامها الكثير و مازال الله تاركا إياها عل. قيد الحياة..مازالت أمامها فرص أخرى و حظوظ أخرى عليها البحث عنها بنفسها و إيجادها و اقتناصها!
هذه الفتاة التي تركت نفسها ضحية لهذه الأهواء و الهوسات اللعوب هي نفسها و ذاتها التي قامت بمسك قلمها و تحريك يدها لكتابة هذه الكلمات و هذه السطور...أنا...تلك الخريجة الجامعية التي ترى الكثير لتتمناه و ترى الكثير لكي تنجزه...فلأدعو الرحمان أن يغفر لي عما ارتكبته في نفسي و عما أفنيته من وقتي و من طاقتي.فهو الغفور العفو...و أنا بعدئذ أعتبر نفسي قد تخطيت هذه العقبة التي بقيت منتصبة أمام وجهي على مدى عقود من حياتي لأدخل عهدا جديدا و عصرا جديدا و جوا جديدا لا سقم فيه و لا عقم و لا مرض في العقل ولا في القلب ...فحكاية الهوس و التوحد العقلي و الروحي قد انتهت...و انتهت معها حكاية الأقوال دون الأفعال،و الأحلام دون التحقق و التشاؤم من ردود أفعال الناس تجاه ما أقوم به...و الله المستعان...