لما نتكلم عن الدور الذي يقدمه كل فرد في المجتمع كان لنفسه أو لغيره وجب علينا المرور على مفاهيم ثلاثة حيث تعلق المفهوم الأول بالفعل وباب القصد هنا الإقدام على الشيء من عدمه والأخذ بهذا أو ترك ذاك ، وحديثنا هذا يسوقنا للخوض في مايسمى بالمردودية فكما هناك مردودية إنتاجية ، هناك أيضا مردودية إجتماعية وهذه الأخيرة تفسر مجموعة من الأحوال التي نعيشها

فإذا ما قابلنا سلوكيات الأفراد عموما نجد أن الإنسان يميل غالبا لتحقيق منافعه ولو على حساب الأخر بمعنى أخر يمكن أن يكون له فعل قوي وردة فعل أقوى لما يجابهه من صعاب وتحديات حياتية ، بينما قد يضعف فعله مقابل أشياء لا يراها نافعة له ولمحيطه فيصرف النظر عنها ويكون هنا الفعل شبه منعدم لأنه في الحقيقة كل مردودية موجهة للأخرين لا تخدم شخصي فهي مهملة وهذا هو لسان غالب الناس .

في المقام الثاني نعرج على مايسمى بالفعلية والمقصود من الفعلية هو مامدى حرصك على الأشياء أي أنك في موقف معين يطلب منك خدمة أو وساطة أو حتى عمل تؤجر عليه فتقابله أنت بحماسة أو بمضض ، هنا فقط يمكن تقييم ماسيأتي بعد مرحلة الفعلية من تعاظم لمردودك الإجتماعي أو الإقتصادي أو الفني أو حتى العاطفي ليعبر بعدها عن نتائج حرصك أو لامبالاتك للأشياء وهنا وجب علينا ضرب مثال لشخص يريد مساعدة في شيء معين فيلجئ إليك طالبا يد عونك هنا تختلف الشخصية المعينة من شخص لأخر بينما سنختار الشخصية الأكثر طلبا وهي الشخصية النافذة ماليا والفاسدة سلوكيا أو الشخصية النافذة علاقاتيا الصالحة سلوكيا وهما شخصيتان مختلفتان لكن يحملان نفس جينات بعضهما لذا جعلتهم شخص واحد في هذا الباب ، فتقابل هذه الشخصية طالب المساعدة بما يسمى الأن بمبدأ الأخذ بالعطاء وهو مبدأ صحيح إقتصاديا خاطئ إجتماعيا لأن المردودية الإقتصادية لايمكن لها أن تساوي المردودية الإجتماعية لأن علاقة المال بالحياة الإقتصادية وطيدة لكن علاقة المال بالحياة الإجتماعية دخيلة والقصد هنا أن سلامة سلوكات الأفراد إجتماعيا لا يمكن أن يقومها المال ممكن جدا يكون جزءا من حل مشاكلها و أداة لرقي المجتمعات لكن لتقويم المجتمعات فلابد من أدوات أخرى .

وعودة لما أسميناه بالمردودية الإجتماعية فتلك الشخصية السابقة الذكر تقيم الأشخاص بما يملكون ومايمكن لهم تقديمه غير ذلك طيبتهم وسلوكهم الفريد وعلمهم الغزير لن ينفعهم مع جشع وطمع ألهى الفئة الموصلة وهذه الفئة موجودة في كل مجتمع متحضر أو متخلف لكن دورها يختلف ففي المجتمعات المتحضرة تستعمل معنى التوصية أو التزكية أي توصي بفلان بإقتداره ومهاراته ، أما في المجتمعات الفقيرة ذهنيا والمتخلفة فهذا السلوك يسمى التعرية والتصفية ومعروف جدا مفهوم التعرية الطبيعية هي إنفصال الصخور أو التربة عن سطح الأرض فكذلك هناك تعرية بشرية وهي إنفصال الإنسان عن طبيعته وعقله ثم لتأتي التصفية كأخر مرحلة وهي الزج به في عوالم غيره ليكون مرغما على لعب دور ليس بدوره .

في الأخير نختم حديثنا عن مفهوم الفعالية والمتمعن لما عرجنا عليه قبل سيفهم تلقائيا هذا المفهوم لأنه هو الحلقة الرابطة بين المفهومين فإذا ما حظر الفعل والفعلية وغابت الفعالية لن نلمس أي مردودية ، والحقيقة هنا تقر أن من يملك الفعالية يملك الميدان لأن حوصلة أنك فعال هي قدرتك على تقديم مايمكن وقت مايجب ، وعودة لنفس المثال السابق يمكن لك أن تكون ذو فعل وذا فعلية لإعانة غيرك لكن لست ذا فعالية في الأخير لإكمال مابدأته أي بمعنى أخر يمكن لك أن تبادر بالإعانة ومايفسر ذلك هو جديتك لكن لايمكن لك أن تقاوم أو أن تستمر أو أن تصر وهذا فقط ماينقص الفاعلين الإقتصاديين و الإجتماعيين من إكمال أعمالهم وخدماتهم .

إن مايجابهه الإنسان البسيط من صعاب قد ينسيه حقيقة ماهو موجود وماهو مطلوب وسيوهمه بآمال ضائعة وزائفة وهذا ماتطلب عليه اليوم قبل غد بضرورة توطين نفسه وتقدير حاجته في المكان والزمان الحقيقيين لا النسبيين .