“نبّئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم..” أسمعها الآن بصوت أحمد النفيس 

وأفكّر بك يا الله، أحاولُ أن أتحسسك من خلالي، يتحدّث الله في كتابه تمامًا بما أشعر به، ثم تنقضي دهشتي عند: ألا يعلمُ  من خلقَ   وهو اللطيفُ   الخبير؟  .. لقد جعلك ربّك تحس بهذا الذي اسماه ألم، جعلك تحس برحمته وعطفه ولطفه اللانهائيين، أخذك من والديك لكنّه قرر مسبقًا صُنعك على عينيه، قذفك في اليمّ  لكنه جعل لك التابوت، أخذك إلى بيت الملك الباطش لكنه هيّأ لك رقة وحنانًا في قلب زوجته .. كلّ هذا وأنت لا تشعر سِوى بألمك أحيانًا ورحمته أحيانًا.

تسير وحيدًا .. تقف على سمعك آياته المحكمات .. ترفع بصرك كثيرًا إلى السماء وتسأل: هل تُخفِض السماء بصرها إلى قلبي؟ إنك ترى الغيم لكنّه لا يحمل الماء إلى قلبك .. ما زلت تشعر بحمّى الفقد .. ساخنة تلسع روحك.

تحاول أن تهربَ  منك .. لأنك مؤخرًا صرت كتلةً  من الفوضى .. ولا طاقة لك بترتيب نفسك .. تذهب إليه، ترجوه، تدعو، تذكره، تصلي جاهدًا .. تحاول أن لا تريد منه إلا هو .. وتفكّر بالذين اختارهم ونظر إليهم، كم من السّقوط والألم واليقين تحتاج حتى يتم اختيارك؟ حتى تعرفه جيدًا وتبهت ولا تتفرغ بعدها لأي كلام.