سعت الانظمة العربية النفطية في سبعينيات القرن الماضي الى انشاء وشراء صحف ومجلات في بيروت لتكون اذرعتها الاعلامية لتلميع صورتها,كما كانت هناك قامات وهامات ادبية وفكرية ساندت هذا النظام او ذاك اما للارتزاق وإما لقناعتها التامة بصوابية نهجها,في تلك الفترة كانت وسائل الاعلام قليلة والقراء كثيرون,ومع التطور السريع في عالم المعلوماتية انعكست الحالة,فالمواقع الالكترونية والفضائيات اصبحت لا تعد ولا تحصى بينما القراء قلة,منهم من لا يجيد فهم مابين السطور لأنه يمر عليها مرور الكرام فينعت الاخرين بصفات اجزم انها تختمر في ذهنيتة الوضيعة.
الربيع العربي(الشرق الاوسط الجديد) الذي تحدثت عنه كوندوليزا رايس,بدأ فعليا بالعراق 19 مارس2003,خطط له الغرب وموّله عرب النفط,بعد ثمان سنوات وفي نفس التاريخ 19مارس2011 تضرب ليبيا من قبل حلف الناتو,بالتأكيد الامور ليست صدفة,ولتلحق الدفعة الثانية (تونس,مصر,ليبيا,سوريا,اليمن)بالركب,وبعد ثمان سنوات اخرى 2019 انخرطت الدفعة الثالثة (الجزائر والسودان),ربما بعد ثمان سنوات اخرى ستلتحق الدول الاخرى التي مولت الخطة بالركب,بعد ان تكون خزائنها قد شارفت على الافلاس.فيلهى بها وتداس بالقدم,اما الدول التي ليس بها بترول,فان ابناءها سيلتحقون بأنظمة جهادية للإجهاز على ما تبقّى من الامة.
منذ الغزو الغربي للعراق وحاله من سيء الى اسوأ,مبيعات النفط في تزايد اما الايرادات فإنها تذهب الى جيوب من يتحكمون في مصيره,أُخرج العراق من الفصل السابع لكن ابوابه ظلت مفتوحة على مصارعها لكل من هب ودب,اما فصوله فانه يكتبها شداد الافاق والصعاليك والمتسترين بالدين وأصحاب العمائم ومحلقي الشوارب ومطلقي اللحى,ولا يختلف الحال عنه في بقية الدول المنكوبة,فعصابة الاخوان التي زرعها الغرب في قلب الامة تقاتل وبكل ما اوتيت من قوة للاستمرار في السلطة,مستخدمة ابشع الاساليب في تدمير مقدرات الوطن ونهب خيراته وتهجير سكانه وجعله رهينة للدول الاستعمارية,في ليبيا حيث تسيطر جماعة الاخوان على مقاليد الامور تعاني البلد من نقص حاد في التيار الكهربائي وهناك ازمة وقود وأزمة مياه شرب ونقص في السيولة النقدية بالبنوك التجارية,بينما لم تتوقف صادرات النفط والغاز وتذهب ايراداتها لدعم المجهود الحربي للميليشيات الجهوية والإيديولوجية لأجل القضاء على الجيش الوطني الذي يمثل حجر الاساس في بناء الدولة وحمايتها من الاطماع الخارجية.
انقسم العرب حديثا على الاقل الى فريقين,احدهما يتحدث عن التدخل الايراني والآخر عن التدخل التركي في الشؤون العربية (الايرانيون والأتراك يحاولون اعادة امجادهم عندما كانوا اقوى دولتين,بينما العرب للأسف يحاولون العودة الى جاهليتهم )وكلا الفريقين كانا السبب فيما وصلنا اليه,احدهما يتمنى زوال النظام التركي والآخر يتمنى زوال حكم الملالي,وكلا الفريقين يرميان بكامل ثقلهما (المادي) في سبيل تحقيق ذلك والنتيجة اهدار المال العام ومقتل آلاف الشباب في حروب لا طائل من ورائها,اليست الدولتان مسلمتان وبالإمكان التعاون معهما لتحقيق منافع مشتركة بدلا من معاداتهما والدخول في محاور لا جدوى من ورائها؟.ألم يكن بإمكان العرب لو اتحدوا ووظفوا امكانياتهم المختلفة(البشرية والاقتصادية) ان يبنوا وطنهم ويشكلون قوة اقليمية يحسب لها الف حساب؟,الوهن والخلافات بين الحكام العرب اضعفت العرب كثيرا,وأصبحت تتداعى عليهم الامم كما تتداعى الاكلة على قصعتها,وستستمر الحالة طالما تحكم القُطريون في مصيرنا ليكون هؤلاء مخلب قط للأجانب. هل يعمد الشرفاء من العرب الى توحيد الامة مهما كانت الظروف؟ كل شيء جائز ان خلصت النوايا,فما ضاع حق وراءه مطالب.