الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ,,,
في زمن كثر فيه المشككون في السنة النبوية وقل فيه الرجوع إلى سراجها المضيء, هذه وقفة تأمل مع حديث من مشكاة السنة الطاهرة.
قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ( المُتَشَبِّعُ بما لَمْ يُعْطَ، كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ ) رواه البخاري, ومسلم
والمعنى المختصر لهذا الحديث كما قاله بعض أهل العلم: المتزين, والمتكثر بما ليس عنده, والمدّعي فضيلة ليست عنده, وشبه بلابس ثوبي زور أي الذي يلبس ثياب أهل التقوى والصلاح رياء وهو في الحقيقة ليس منهم.
وفي هذا الحديث النبوي تحذير واضح من أن يتباهى الشخص بما ليس عنده؛ لأنه مشهد من مشاهد الكذب والخداع. فيُظهِرُ نفسهُ بصورة مغايرة لحقيقته. فلا يَنبغي للمُسلمِ أنْ يدَّعِيَ ما ليس فيه، ولا أنْ يَتظاهرَ بغيرِ الحَقيقة.
وفي زمننا هذا تشتد الحاجة لهذا الحديث؛ لأنه كثر المزورون لحقائقهم, والمظهرون لخلاف واقعهم.
يتمثل ذلك في صورٍ كثيرة من أبرزها:
* المتصدرُ للفتيا في المجالس يقول في دين الله برأيه ، وهو مصنفٌ من العوام في رُتَبِ أهلِ العلم ، يتّكِئُ في المجالسِ مُصَدِّراً لأحكام الشرع بلا علم ، ومُتّخذاً من مُفردةِ ( الشيخ ) لقباً له .
* المسؤول المتسلق على منجزات غيره. فينسب منجزات الناجحين لنفسه لقوة منصبه وسلطته.
* مدّعي الإنجاز والنجاح. مثل: أصحاب الشهادات الوهمية وسارقي الرسائل العلمية.
* مدّعي مهارة أو موهبة ليست عنده. فيعجب به من قد استسمن ذا ورم.
* المتطلب للألقاب : -إعلامي, رجل أعمال, خبير سياسي, مستشار إقتصادي - وهو في الحقيقة منها خواء كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد.
* سارق النصوص ذات الدلالات الكثيفة والتغريد بهامع عدم نسبتها لأصحابها. فيقوم بعمليات سرقة ونصبوعلامة نصبها الفضيحة الظاهرة.
* المبالغ في الظهور الإعلامي وحب التصدر مع عدم الكفاءة. والمتهافت على التصوير إلى حد يصيب العاقل بالغثاء.
إلى هؤلاء وإلى جميع المتشبعين بما لم يعطوا أقول: أحدثوا أثراً ودعوا انجازاتكم تتحدث عنكم, ولا تزعجوا المجتمع بضجيج غثاءكم.
إن مجتمعنا يحتاج قدوات صادقة قولاً وفعلاً, وليس إلى رجل الثلج الذي إذا أشرقت عليه شمس الحقيقة أذابت جسده الكاذب.
وهمسة في أذن المتميزين المنزوين في الزوايا بحجة عدم حب الظهور: إن مكان القمة والقدوة يناديكم فشمروا عن سواعدكم واصعدوا إلى مواقعكم.
فالله الله لا تتركوا أماكنكم فيؤتى المجتمع من قبلكم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه
عوض الله بن زحيم العالي السلمي