يتمركز إقليم الباسك بين الشمال الشرقي الإسباني والجنوب الغربي الفرنسي رغم ذلك يتميز شعبه عن شعبي الدولتين بأمور عدة لعل أبرزها الاعتزاز بالهوية الباسكية ويتجلى ذلك الاعتزاز في جميع نواحي الحياة اليومية فالرمزية التي يمثلها الإقليم في نفوس شعبه فريدة من نوعها.

تنقسم إسبانيا إلى عدة مناطق كاتالونيا, إقليم الباسك, الأندلس, جاليسيا وجزر الكناري...ولكل واحدة من تلك المناطق ممثلون في مجالات مختلفة منها على سبيل المثال كرة القدم إلا أن فريقا واحدا استطاع البرهنة على تفانيه في تمثيل منطقته باحتكار اللعب لصالحه على أهل تلك المنطقة وحدهم من العالم, الحديث طبعا عن النادي الباسكي العريق آتلتيك بلباو.

تأسس آتلتيك بلباو منذ أكثر من مائة وعشرين عاما ولا يخفى على أحد أن قاعدته الأولى هي ببساطة كونه حكرا على أبناء الإقليم لا يلجه غيرهم, "لم يجرؤ أحد يوما على التفكير في تغيير تلك القاعدة الغير مكتوبة" نيكا كوينكا كاتب ينحدر من بلباو.

هذا ما جعله النادي الأكثر شعبية في الأوساط الباسكية إذ يعتبره مواطنو الإقليم جزء لا يتجزأ من ثقافتهم التي دأبوا على التباهي بكونها غير خاضعة لمعايير المملكة بل وطالبوا بالاستقلال عنها كلما أتيحت لهم الفرصة.

يقول مدرب الفريق الحالي جايزكا جاريتانو في مقابلة أجراها مع صحيفة الجارديان الإنجليزية "عندما تزوجت اشتريت منزلا يبعد عن مقر التدريبات بمئات الأمتار فقط لأستطيع مشاهدة التدريبات من الشرفة."

كان هذا حجم شغفه وهو مشجع فما بالك بحجمه الآن وهو المسؤول الاول والأخير عن نتائج الفريق ويتواصل حديث جاريتانو قائلا:

" الأمر مختلف عندما لا تلعب من أجل المال, لا تلعب من أجل الشهرة أو الألقاب, بل تلعب من أجل الشعار, من أجل القيم, من أجل أصدقائك من أجل عائلتك الأمر مختلف جدا. محيطي كله يشجع بلباو أما أنا فقد ولدت على بعد عشر دقائق من الملعب."

عندما تسأل بائع فواكه أو سمكريا في المدينة عن آدوريز أو إنياكي وليامز فلا تستغرب إن تعرف عليهما, فحجم تقدير وحب الناس للفريق قد يجعل البعض يظنه أكثر من نادي كرة قدم والقصص التي تبرهن على ذلك عديدة ومن أكثرها غرابة تلك التي جاءت على لسان ماريا جونزاليز والدة إيكر كاسياس إبان رحيله عن ريال مدريد:

"قبل ولادة إيكر بأشهر أخبرت بائع أحذية في الحي الذي كنا نقطن فيه ببلباو أنني مسافرة إلى مدريد لولادة ابني هناك. أجابني أنه يتمنى ولادة الطفل في الباسك فربما يتمكن من تمثيل آتلتيك, من يدري ربما كان آتلتيك سيعتني به أكثر من الريال؟"

ما يزيد القصة غرابة هو أن أول مباراة لعبها كاسياس في الليغا كانت ضد بلباو على ملعب السان ماميس

يوم 12 سبتمبر 1999.

“Con cantera y afición, no hace falta importación”

"مع المواهب والدعم المحليين لا تحتاج إلى جلب اللاعبين من الخارج"

هذا الشعار هو الأشهر في أروقة النادي وبين صفوف مشجعيه وما هو إلا كلام يجسد النظرية التي من خلالها اكتسب النادي هويته الفريدة واستطاع بالإضافة إلى ريال مدريد وبرشلونة البقاء في الدرجة الأولى منذ نشأة الدوري الاسباني محققا اللقب 8 مرات ولقب كأس الملك 23 مرة.