لكل منا معاركه التي يفتح عينيه صباحاً ليبدأ في خوضها حتى قبل أن يبعد لحافه عن جسده ، وأحد أكبر المعارك وأدومها وأصعبها ما تخوضه مع نفسك.

ولا أقصد هنا هوى النفس وشهواتها فهذه المعركة ليست مربط الفرس في تدوينتي هذه .

أكاد أجزم أن أقوى معركة نخوضها هي التعامل مع نوايانا المتأرجحة بين الخيرة والشريرة ، الداعية للحب والأمرة بالكره ، المنتصره للحق أو المنتصره للذات ومصلحتها .

لنفترض على سبيل المثال لا الحصر الحسد والأنانية والنرجسية والشعور بالاستحقاق المطلق وتمني الشر لمن لا نحب .

في إحدى الليالي في حديث ودي مع أقارب قال أحدهم بأنه لا يحمل أي نوايا سيئة للغير وعارضته في ذلك بقليل من الوجل والخوف حتى لا أوصم بأني صاحب النوايا الشريرة.

ولا أعرف أن كان هذا يخصني أو لا ، لانها من خبايا النفس التي لا نحب كشفها بالتالي نقول دائماً بأننا أصحاب نوايا سليمة.

وقد ننحاز لأنفسنا ونجد لأنفسنا مبررات لنوايانا السيئة ونجعل لها أسباب ونفسرها بشكل أخر حتى ندفنها دواخلنا.

واشارك هذا الكلام بوجل أن يكون لدي من هذه النوايا السيئة بينما الغالب من الناس يملك نفس سليمة صافية ! وإن كان أحدهم كذلك فأني والله أغبطه على ما فيه.


اتذكر مقولة ترن في رأسي دائماً تنسب لأبن القيم وبينما ينفيها عنه أخرون ، تقول : والله إن العبد ليصعب عليه معرفة نيته في عمله فكيف يتسلط على نيات الخلق .

واقرب ما يكون في وصف الجملة السابقة في موقف عندما يعزم أحدهم للتصدق على فقير فيستدرك له الشيطان قائلاً أنت تفعلها لوجود من يراك وتختلط عليك نيتك وتحتار!

ما استطيع قوله أنني تختلط علي النوايا في أمر واحد منه ما هو فضيلة ومنه ما هو من نفسي السيئة ومنه ما هو من رغباتي وحاجاتي.

أعتقد أن المعركة تتركز في قدرتنا على التمحيص واكتشاف هذه النوايا في مهدها وقتلها حتى لا تنتقل إلى فعل أو تصرف أو قول . هنا النصر والفشل مع التصالح مع أن ذواتنا بشرية ضعيفة يختلط فيها كل شئ ويؤثر فيها.