الْاِنْقِلَابُ الْعَسْكَرِيُّ فِي لِيبْيَا: اِنْقِلَابٌ عَلَى الدُّسْتُورِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ
لم تعرف بلادنا انتخابات دستورية شرعية شفافة منذ الانقلاب العسكري لعام 1969 والذي كان انقلاب على الدستورية الشرعية للدولة الليبية الذي أطاح بالملك محمد إدريس السنوسي.
والانقلاب العسكري في ليبيا تابعة جملة من أحداث متتالية كان منها المفهوم الراديكالي ضد المؤسسات الدستورية التقليدية التي تمنح سلطات الدولة إلى الحكومات الشرعية بعد تقديم البرامج للناخبين.
ونظرا إلى أهمية وخطورة رفع القوانين المعمول بها في البلاد والنقاط الخمس التي أعلن عنها في مدينة زوارة، قد انتهت معها الدولة المدنية الدستورية الشرعية وإلغاء الدستور الليبي الذي يمثل دستور استقلال الدولة الليبية.
انعكس على مسار ليبيا أحداث في تغير نظام الحكم الملكي وأدوات الدولة الليبية معها، الإداري والقانوني والسياسي، فكان انقلاب شامل وكامل على الدولة المدينة الدستوري وتحولات جذرية طبقا للنظرية العالمية الثالثة التي حلت محل دستور الدولة الليبية في الفكر والتنظير.
كانت ليبيا ترضخ تحت نظام العسكر مما كثر الحديث عن الإصلاحات الاجتماعية في تلك الحقبة بين التخطيط وأهميته في العمل الاجتماعي وعلى إنها الوسيلة الوحيدة في التحول إلى نظام جمهوري تحت مشروع الإعلان الدستوري في عهد الجمهورية العربية الليبية.
ولقد اتسمت أجواء ليبيا في عهد عسكرة الدولة بالضبابية السياسية التقليدية والديمقراطية الشعبية المباشرة التي كانت توجه سياسيات الدولة الليبية عبر المرجعية الثورية، لان الصراع كان صرع ثوري مع القوى الرجعية المحسوبة على النظام الملكي السابق.
لم يكن هنالك برامح سياسية على أساس تعدد أيديولوجية الفكر، بل كان هنالك برنامج سياسي واحد على أساس الانتماء "العقائدي الثوري"، لتصبح مشاركة مكونات الشعب الليبي معزولة ومنبوذة من المشاركة السياسية.
واليوم، وعلى انعكاسات الثورة الشعبية الليبية نرى تحول من نظام الجماهيرية العربية الليبية السابق إلى صعود محور بما يسمى بالانقلابات العسكرية على شرعية الثورة الشعبية الليبية مرة أخرى بعد تجارب مريرة خاضها الشعب الليبي مع النظام السابق.
نحن لا نتكلم على الثورة المضادة ولكن نتكلم على العودة إلى عسكرة الدولة الليبية بحجج مختلفة تمنح السلطات العسكرية ذريعة الحكم العسكري بدل من الشرعية الدستورية والعمل السياسي والإداري والقانوني.
وجود عناصر في البلاد تعمل على إعادة تغير المشهد السياسي الحالي ومحاولة العودة إلى الوراء بعبارات حماية الدولة الليبية من الإرهاب والتطرف، فأن إتباع هذا المنهج يعمل على تخلف البلاد وردح من الزمن وأخذ البلاد على عالم المجهول.
لقد أصبحت ليبيا في معادلة صعبة بين الخروج من المليشيات المسلحة وبين الجيش الوطني الذي يحمي الدولة الليبية وأمجاد ثورة السابع عشر من فبراير ومن يعمل جاهدا على محاولة استرجاع عسكرة الدولة الليبية مرة أخرى وتجنب العمل السياسي الديمقراطي.
معادلة الفعل بانتهاء تلك المحاولة العسكرية وجر الأمة الليبية إلى محاور الصراع المسلح والقتل والتشريد والنزوح، مما يتم في سبيل تشكيلة الترويج على الإرهاب والتطرف والإسلام السياسي مع القوى التي تجمل صورتها أمام العالم.
أن محاولة إقناع المواطن الليبي بالصراع حول الإرهاب والتطرف وترك الشرعية الدستورية في إدراج الدولة الليبية، هي عملية مشبوه تعمل على إطالة الصراعات الداخلي والابتعاد عن المصالحة الوطنية الشاملة بين الفرقاء.
الدستورية الشرعية الليبية هي التي تعطينا مصدر القوة السياسية والأمنية والابتعاد عن التشرذم والاختلاف، ولهذا يجب علينا إن نقر ونعتمد دستورا دائم للدولة الليبية، بخصائص التمسك بالوطن الواحد الموحد.
ومع بداية ثورة السابع عشر من فبراير انتهى فيها النظام الملكي الدستوري والنظام الجماهيرية العربية الاشتراكية السابق، وما مكث معنا هي الدستورية الشرعية الليبية التي هتف لها الشعب الليبي في بداية الثورة الشعبية الليبية إلى الحرية والتحرر والأمن والأمان والاستقرار.
تحديد قيمة الفرد والعلاقة بينه وبين غيره من الأفراد في التحول من مرحلة النزاع والصدام المسلح إلى مرحلة الاستقرار وهى عملية تقاطع بين الشعب الليبي والدستورية الشرعية متجنبة فيها النظم المستبدة في مصالحة الوطن الليبي.
بقلم / رمزي حليم مفراكس