مقال في دحض ما أشيع في الإنترنت من أن أصل الأرقام هي زوايا !
الأصالة في الحرف والرقم .. عربية أم أجنبية؟
الجمعة, 26 يونيو 2009
أ.د. حامد بن محمود صفراطه
إن قصة منشأ الأرقام العربية والمنتشرة في الغرب التي يقال إن الخوارزمي قام بتأليفها و تُعرف اليوم باسم الأرقام العربية عند الغرب غير صحيحة (انظر المرجع رقم [1]!) وأن قصة الزوايا هذه غير صحيحة، وشكل هذه الأرقام ذات الزوايا لا تشابه الأرقام الإفرنجية أبدا بل يجب تحورها بنظام ما أنزل الله به من سلطان [انظر إلى الرقم اثنين مثلا، أو خمسة!! هل هناك من يكتبها بهذا الذيل الذي أضيف فقط لحبك القصة، وكذلك الرقم سبعة من أين جاءت الأنف المعقوفة له!!]
1 2 3 4 5 6 7 8 9 0
الرقم واحد .. زاوية واحدة حتى نصل إلى الرقم تسعة
الرقم اثنان .. زاويتان، الرقم خمسة .. خمس زوايا، الرقم سبعة .. سبع زوايا،
وكذلك الرقم تسعة .. تسع زوايا، من يكتبها هكذا ؟؟؟
يذهب ابن الياسمين البربري؛ [المتوفي في مراكش (المغرب الآن) سنة 601 هـ] في كتابه «تلقيح الأفكار في العمل برسم الغبار» وهو أول من أشار إليها، أن الأصل واحد للرقمين،العربي المستخدم في بلاد العرب والإفرنجي المستخدم في أوروبا والعالم الغربي عموما.
وإن الأرقام التي تسمى عربية هي الأرقام الغبارية، وقد هاجرت إلى أوروبا، حيث جرى لها التحوير والتعديل والتطور مع الحرف اللاتيني «انظر الجدول الذي يظهر تطورها، وليس من الزوايا المزعومة» [فهي تناسبه، ولا تناسب الحرف العربي البتة] حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن.
والشكل التالي يبيّن مراحل تطورها وكما نرى لا أثر لقصة الزوايا المبتدعة!
تقرير عن ندوة « الأرقام ومكانتها في قضية التعريب»
وفي تقرير عن ندوة «الأرقام ومكانتها في قضية التعريب»[2] كان أهم ما أثمرته البحوث المقدمة وما دار حولها من نقاش ما يلي :
1- تمحيصٌ لتاريخ الأرقام المشرقية (التي تعرف في الغرب باسم « الهندية») والأرقام المغربية (التي تعرف في الغرب باسم «العربية»، وأحيانا باسم «الغبارية») وظهر ما يقارب الاتفاق الكامل على أن كلتيهما هندية عربية.
2- نحا بعض البحوث منحًى هندسيا إحصائيًّا تحليليًّا لدراسة أشكال منظومتَىْ الأرقام وحروف اللغة العربية وبعض اللغات الأخرى.
وكانت هذه البحوث تهدف إلى :
أ – تبيين مدى ملاءمة الأرقام المشرقية للحروف العربية .
ب – تجديد مدى كفاءة تَعَرُّف كلٍّ من الأرقام المشرقية والمغربية بين حروف عربية .
جـ – محاولةِ استنتاج النشأة الأولى للأرقام المشرقية والمغربية من دراسة علاقة كل منهما بأشكال حروف اللغتين الآرامية والسنسكريتية.
3- تدل هذه الدراسات على أن الأرقام المشرقية أكثر توافقًا مع الخط العربيّ، وعلى أنه ليس هناك ما يدعونا، في الخليج ومصر والمشرق العربيّ، لنبذ الأرقام المشرقية واستبدال المغربية بها.
4- فضلا على هذه النواحي العملية، تَمَسُّك المشرق بالأرقام المشرقية فيه حفاظ على تواصل التراث العربي القديم بالحاضر، ومحافظةٌ على هُويتنا، ويُسْرٌ لاتصالنا بالبلاد الإسلامية التي تستخدم الأرقام المشرقية. (اسُتخدمت الأرقام المشرقية باطراد منذ أواخر القرن التاسع الميلادي ، فقد ظهرت في مخطوطة لكتاب الجبر والمقابلة للخوارزمي ، عام 820 م وفي القرآن العظيم، فهل تُغير المصاحف وكتب السيرة النبوية العطرة التاريخ الإسلامي، وما هي الفائدة!)
(معد المقال) .
وفي بحث «الأرقام» بقلم : أحمد إسماعيل السبع (*) يقول:
هناك نظرية شاعت في البلاد والعباد ، مفادها أن الأرقام العربية في رسمها الراهن (1، 2 ،3 الخ) هي أرقام هندية وأن الأرقام الأجنبية (etc ….1،2،3) هي الأرقام العربية الأصيلة.
وهناك دعوة إلى اعتماد الأرقام في رسمها الأجنبي في بعض البلاد العربية. ولقد بحث مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في دورته الحادية والعشرين المنعقدة في مدينة الرياض هذا الموضوع ، واتخذ القرار الآتي: (لا يجوز تغيير رسم الأرقام العربية المستعملة حاليا إلى رسم الأرقام المستعملة في العالم الغربي) للأسباب التالية:
أولاً : إنه لم يثبت ما ذكره دعاة التغيير من أن الأرقام المستعملة في الغرب هي الأرقام العربية، بل إن المعروف غير ذلك، والواقع يشهد له، كما أن مضي القرون الطويلة على استعمال الأرقام الحالية في مختلف الأحوال والمجالات يجعلها أرقاماً عربية.
ثانياً : إن الفكرة لها نتائج سيئة وآثار ضارة، فهي خطوة من خطوات التغريب للمجتمع الإسلامي تدريجياً، بدليل ما ورد في توصية وزراء الإعلام (في إحدى دول الخليج) بضرورة تعميم الأرقام المستخدمة في أوروبا لأسباب أساسها وجوب التركيز على دواعي الوحدة الثقافية والعلمية وحتى السياحية على الصعيد العالمي.
ثالثاً : إن هذه الفكرة ستكون ممهدة لتغيير الحروف العربية واستعمال الحروف اللاتينية بدل العربية ولو على المدى البعيد.
رابعاً : إن هذه الفكرة أيضاً مظهر من مظاهر التقليد للغرب واستحسان طرائقه.
خامساً : إن جميع المصاحف والتفاسير والمعاجم والكتب المؤلفة كلها تستعمل الأرقام الحالية في ترقيمها أو في الإشارة إلى المراجع ، وهي ثروة عظيمة هائلة . وفي استعمال الأرقام الإفرنجية ( عوضاً عنها ) ما يجعل الأجيال القادمة لا تستفيد من ذلك التراث بسهولة ويسر.
سادساً : ليس من الضروري متابعة بعض البلاد العربية التي درجت على استعمال رسم الأرقام الأوروبي ؛ فإن كثيرا من تلك البلاد قد عطّلت ما هو أعظم من هذا وأهم : وهو تحكيم شريعة الله كلها؛ مصدر العزة والسيادة والسعادة في الدنيا والآخرة فليس عملها حجة.
ولقد اطلع مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته السابعة المنعقدة بمقر الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء والمتضمن أنه : ((لا يجوز تغيير الأرقام العربية المستعملة حاليا إلى رسم الأرقام المستعملة في العالم الغربي)) وقرر ما يلي:
أولاً : التأكيد على مضمون القرار الصادر من مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية والمتضمن عدم جواز تغيير رسم الأرقام العربية المستعملة حالياً برسم الأرقام الأوروبية المستعملة في العالم الغربي للأسباب المبيّنة في القرار المذكور.
ثانياً : عدم جواز قبول الرأي القائل بتعميم رسم الأرقام المستخدمة في أوروبا بالحجة التي استند إليها من قال ذلك، وذلك أن الأمة لا ينبغي أن تدع ما اصطلحت عليه قروناً طويلة لمصلحة ظاهرة وتتخلى عنه تبعاً لغيرها.
ثالثاً : تنبيه ولاة الأمور في البلاد العربية إلى خطورة هذا الأمر، والحيلولة دون الوقوع في شرك هذه الفكرة الخطيرة العواقب على التراث العربي والإسلامي. اهـ
ويُذكر أن محاولات قامت منذ نهاية القرن الماضي لفصل المسلمين عن اللغة العربية الفصيحة – لغة القرآن – باعتماد اللهجة العامية المحكية في كتاباتهم، وبكتابة كتب العلوم والآداب والفنون بالأحرف اللاتينية الأجنبية بدلاً من الأحرف العربية ، وفشلت محاولاتهم بفضل الله. ثم أشاعت بعض الفئات والهيئات أن الأرقام التي يستعملها المسلمون – والعرب منهم – هي هندية، بحجة أن الهنود يستعملونها، ودعوا إلى استعمال الأرقام الأجنبية. وفي الواقع فإن الناس في باكستان وفي الهند يستعملون الأرقام العربية مثلما يستعملون الأحرف العربية في لغتهم الأوردية.
وانتشرت الشائعة، وانخدع بعض المسلمين بالحجة المضلَّة المضَلّلة، فتركوا الأرقام العربية واستعملوا أرقام العالم الغربي.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«لَتَتَّبِعُنَّ سنَنَ الذينَ من قبلِكم شِبراً بِشبر وذراعاً بذراع حتى لو دَخلوا جُحر ضبٍّ لَتبِعتُموهُم . قالوا : يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال : فمن غيرهم ؟» [رواه الشيخان].
________________________
(1) حوار العلم والدين في الإسلام بين الفيزياء والدين والفلسفة، باريس، متحف اللوفر 11- 13 يونيو حزيران 2005م، إعداد: د. حسن المصدق – جامعة السوربون.
(2) الأرقام العربية والأرقام الإفرنجية، هزاع بن عيد الشمري، دار أجا للنشر والتوزيع، الرياض 1418 هـ.
(3) مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة الأعداد (81 – 102) – (66 / 20 فبراير 1997م
(4) الأصالة – عودة إلى الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة – 27– ص (46).
أ.د. حامد بن محمود صفراطه
أستاذ بكلية الهندسة جامعة الملك سعود
المستشار الفني بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية
[email protected]
(صحيفة المدينة الإلكترونية)
https://arkam.wordpress.com/invalidation-of-nameral-angels/