مصطلح( المدينة الفاضلة )عبر العصور

----------------------------------------------

مر هذا الإسم كثيرا علي أسماعنا ولكن عديد من الأشخاص لا يدرون ما مصدره ؟ أو من هو أول من أطلقه او نادي به ؟ وهل تحققت المدينة الفاضلة بالفعل ام لا ؟ وهل هي مدينة حقيقية او خيالية ؟ وهل ممكن بناءها في عصرنا هذا أم لا ؟ دراسة الفلسفة والتي تتضمن" حب الحكمة -وعلم المنطق علم كل العلوم وعلم الميزان حيث به توازن الحج والبراهين " بالإضافة لعلم النفس والإجتماع من الدراسات الممتعة في الحياة والتي لها دور في تنوير العقل ووضع تصورات وأفكار وخطط ، وتحليل ماهيات الشخصيات والغوص في النفس البشرية ومحاكاة الواقع .... إن ((المدينة الفاضلة)) هي حلم الانسانية للعيش في مجتمع مثالي لا وجود له ، مجتمع يجمع بين اسباب الراحه والسعادة وتحكمه وتؤسس فيه قيم العقل والعدل والاخلاق ولكن عجزت الانسانية رغم محاولتها الكثيرة في تحقيقه .....[[ وشتان الفارق بين ما حلم به الآخرين ونحن معهم بالنسبة لمدينتهم وتمنوا أن تكون فاضلة أو شبه فاضلة أو قريبة من الفاضلة وبين الواقع حاليا أو الحاضر فأصبحت المدينة يتولي أمرها إما مختل عقليا أو فاسد أو خائن ، وأنعم علي سكان المدينة بالفقر والقهر والعيش المدقق والظلم والاستبداد ، ولم يكتف بذلك بل باع أجزاء من المدينة للأعداء لا تساويهم كنوز كسري وقيصر ، ولم يدافع عن مصدر الخير والنماء الذي يأتي بكل مقومات الحياة لسكان المدينة ، وما يزيد الاستغراب والدهشة أنه لو تم قطع هذا الشريان فلن يبقي أحدا من السكان لكي يحكمهم لأنهم في هذه الحالة سيكونوا ماتوا جوعا وعطشا ، ورغم هذه الحياة البائسة في المدينة وجدت مجموعة من الدراويش والموالين والمنافقين لحاكم هذه المدينة ، وكان المنافقين في الماضي وعبر العصور يمكن عدهم علي أصابع الايدي أما الآن فهم كثر لدرجة أن لا تقدر علي حصرهم . ولكن الخلاص للسكان والنهايه السوداء لمثل هذا الحاكم قريبة جدا جدا جدا ]] .........المدينة الفاضلة او الطوباوية او المثاليه او يوتوبيا (باليونانية) هي ضرب من التأليف أو الفلسفات يتخيلها الكاتب ، وكان اول ما نادي بها الفيلسوف المعروف افلاطون (427-347 ق.م) وهي من أشهر القضايا التي أثارها ومنذ ذلك الحين تتخذ رمزا للكمال وجنة الارض , وكانت أحد احلامه في مدينة فاضلة يحكمها الفلاسفة ظنا منه انهم لحكمتهم سوف يجعلون كل شيء في هذه المدينة معياريا وبناءا عليه ستكون "فاضلة" وسار علي نهجه تلميذه أرسطو (384-322 ق.م) وكل الفلاسفة اليونانيين ، استوحي أفلاطون فكرة المدينة الفاضلة من دراسته للنفس البشرية والتي وجد فيها ثلاث قوي ولو تم التوازن بينهم تصبح النفس البشرية صحيحة وهم قوة رفيعة ومركزها العقل وقوة الغضب ومركزها القلب وقوة الشهوة ومركزها البطن ، وقسم أفلاطون المدينة إلي ثلاث طبقات :الطبقة الأولي (الطبقه الذهبية) وهي طبقة الحكام الفلاسفة لرئاسة المدينة ويتميزون بالشجاعة وتقابلها النفس الناطقة و(الطبقه الفضية) وهي طبقة الجنود لحماية المدينة ويتميزون بالشجاعة وتقابلها النفس الغاضبة و(الطبقة النحاسية)وهي طبقة الشعب العامل لتعمير وإنشاء المدينة وتقابلها النفس الشهوانيه.........أما ( أبو نصر محمد الفارابي 870-950 م ) المعلم الثاني للفكر الفلسفي بعد أرسطو وأول فيلسوف في الإسلام وإتبع منهج أفلاطون في كتابيه (آراء أهل المدينة الفاضلة -والسياسة المدنية) ويري الفارابي أن المدينة الفاضلة هي التي تتحقق فيها السعادة لجميع الأشخاص المتعاونيين فيما بينهم كل في تخصصه ولا يري الفارابي للشعب طبقات مثل ما طرحه أفلاطون فهو لا ينفصل علي بعضه البعض فهم مثل السلسلة وقام بتقسيم النفس البشرية إلي اربع قوي وهم : القوة الغازية وتمثل حاجات الانسان الأولية ، والقوة الحاسة التي فيها رئيس وفيها الحواس الخمسة وشبهها بحامل أخبار المدينة إلي الرئيس ، والقوة المتخيلة التي تعمل علي تركيب الصور وفصلها اي تقريب الخيال الي الواقع ، والقوة الناطقة وهي قوة النفس بأكملها الخاصه بالإنسان وهي قوة العقل ، وقسم الفارابي المدينة الفاضلة إلي ثلاثة أقسام مجموعة القادة والحكام ورجال الدين، ومجموعة العسكريين والجنود المدافعين علي المدينة ، ومجموعة الصناع والفلاحين الذين ينتجون للمدينة ، مهمة بناء المجتمع الإسلامي التي ناقشها الفارابي منح الرئيس الحاكم الأهمية القصوي حيث جمع في هذا المنصب بين الفيلسوف الحكيم وبين النبي ، وحاول الفارابي الربط بين الدين والدولة فهناك دوما علاقة وثيقة بين السياسة والدين والبرهنة علي أن السعادة هدف مزدوج في الدنيا والآخرة...........أما ( توماس مور الفيلسوف الإنجليزي) ( اتولد، 7 فبراير 1478 - اتوفى 6 يوليه 1535 ) النهضوي الإنسان والذي كان مستشارا للملك هنري الثامن ، الذي لقب برجل كل العصور فقد تخيل المدينة الفاضلة وجودها في نصف الكرة الجنوي في موقع يري كثيرون أنه موقع جزر اليابان بمعني ان توماس مور إستعار اليابان إلي حد ما ليجعل منها المكان الذي يعيش فيه الناس تلك الحياة الفاضلة ،فهو حاول إعطاء صورة مسهبة للعالم كما يجب أن يكون من جمهورية أفلاطون إلي عالم هاكسلي الطريق الشجاع ، ومدينة الشمس لتوماسو كامبانيلا وعشرات المدن الآخري .................. وفي النهاية لا يجب أن ننسي علماء ومفكرين الاسلام وما أكثرهم الذين أضاءوا شعاع العلم ونهضوا بالعالم من غيابات الجهل الي النور وهم كثر ونذكر منهم ، ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع ، والإمام الغزالي حجة الاسلام في عصره ،وإبن سينا الذي عرف بفيلسوف العرب والطبيب الشاعر ولقب بالشيخ الرئيس والمعلم الثالث بعد أرسطو والفارابي ،وأبو حيان التوحيدي والذي لقب بفيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة ومن أعلام القرن الرابع الهجري، وابن الهيثم مؤسس علم البصريات والفيزيائي وعالم الرياضيات والفلكيات النابغ ، وإبن رشد فيلسوف ومفكر الاندلس...............