هم شعراء مبدعون عاصروا الزمن الجميل،وأمتعونا بقصائد عاطفية شفّافة،لم تتح لهم الفرص،كبروا وهرمت أحلامهم رويداً رويدا،لم ينالوا التقدير الذي يستحقونه،بقيوا في الظل،ولم ينالوا ربع الفرص التي منحت لأنصاف المواهب،والمضخّمين،واختاروا عدم مزاحمة أحد لكنهم يسكنون الوجدان ولا زالوا يمتعوننا بقصائد تفيض بالحكمة.

السؤال المنطقي الذي يطرح نفسه دائماً

متى تنتهي موجة التضخيم ؟

من غير المعقول أن نهمّش شاعراً متمكّناً له باعٌ طويل في ميادين الشعر،وتفرض علينا أسماء معيّنة في جميع المناسبات،وتفرض علينا قصائد مكرّرة ومستهلكة،بينما الشعراء الحقيقيون نائمون في البيت !

لقد ابتعد الجمهور عن ساحة الشعر مؤخراً وتحوّلت الأمسيات الشعرية إلى روتين ثقافي ممل ،لماذا لا نبحث ونتقصّى ونستضيف هؤلاء المبدعين الذين أفنوا حياتهم من أجل حضورٍ لائق،كم من شاعرٍ قدير لم يدعى لأي مهرجان أو فعالية أو لقاء صحفي أو تلفزيوني،بينما تزدحم وسائل الإعلام بأشباه الشعراء والدخلاء الذين أفسدوا الذائقة وهذا كلام النقّاد الذين يتّفقون مع هذا الطرح،فهم يرون أن هناك أسماء قوية لكنها تفتقد الحضور ولم تقدّم نتاجاتها الأدبية بالشكل اللائق.

لقد تصاعدت نغمة وفاة الشعر كثيراً في السنوات الأخيرة لكنني أرى أن الشعر باقٍ والأدعياء زائلون،فهناك مبدعون كثر يحلّقون في فضاء الإبداع ويتمسّكون بالأمل رغم أنهم بلغوا من العمر عتياً،إنهم كالطيور الحالمة لا يمكن أن تركن إلى اليأس مطلقاً.

من واقع تجربةٍ شخصية ومن رصدٍ دقيق خلال السنوات الأربع الأخيرة،وجدت أن هناك عدداً كبيراً من الشعراء المرموقين الذين يستحقون التقدير والإشادة،متمنياً أن يتعرّف عليهم الجمهور عن قرب،وسنحاول في مستقبل الأيام تسليط الضوء على نماذج منهم لعلنا نصل إلى الفائدة المرجوة في نهاية المطاف.

يقول رسول حمزاتوف :

إن الشعراء ليسوا طيوراً مهاجرة، والشعر دون التربة الأم شجرة بلا جذور وطائر دون عش.