أعيت المحبةَ من يُداويها !!
هذا ماجال بخاطري حين كانت تشتكي لي صديقةَ طفولتي و شبابي و أدَّخِرُها كنزاً لمشيبي .
صديقتي كانت شخصاً يطوع الصِعاب و يجعلها سُلماً تصعد بِه نحو ماتُريد كُنت لا اخشى عليها شيئاً كانت فولاذيةً صلبة استمد منها قوتي حين ضعفي و صلابتي حين انكساري .
كانت حقاً جوهرة وهي خُلاصةَ ما صفَّيت به الأيام و الحياةَ من المعارف العابرة .
أخذت الحياةَ مجراها و أصبحت صديقتي زوجةً رائعةً مُخلصة و أُماً لأجملِ طفل و أنا أكملتُ مسيرتي العملية و أصبحت أُدير أعمالي و انشغل بها . و في زيارتي الأخيرة قبل بضعة أيام رأيت شخصيةً لم اعرف منها إلا و جهها و صوتها فقط !!
كانت شخصاً آخر حاضرةً معي جسداً فقط بينما عقلها و تفكيرُها في عالمٍ آخر . حينما كان يلعب صغيرها حولي أخذ فنجان قهوتي و أسقطهُ أرضاً أسرعت له و حملته بين يدي عن شظايا الزُجاج و كُل ماقامت به هي فقط تنهيدة على غير عادتها عميقة جداً ختمتها بقولها : هذا ما تُجيده أنت و والدُك !! حينها ايقنت انها و حُبِها على خِلاف
كنت انتظرها فقط ان تبوح لي و تروح عن نفسها لعلني أكون ذات عونٍ لها ، لكنها ليست ممن يشتكي و ينوح أكملنا الزيارة و خففتها ألتمست العذر منها لأشغالي و لم أكن منشغلةً إلا بحالها مؤخراً استودعتها الله و أسرتها .
و مع مرور الأيام وجدت لها رسالةً نصيه تُخبرني بضرورة لُقياها على عجل في منزل أسرتها
فما كان مني إلا أن اتوجه لها و كلي أمل ان يكون الموضوع أسهل مما اتوقع .
و ما أن رأتني حتى مسحت عينيها و تظاهرت بالقوة كعادتها و بدأت تبوح لي ماكان يُنغِص عيشها و أنها تُريد ان تأخذ إستراحةَ مُحارب هذه الفترة و ان لا تتجاوب معه و لا تقرأ رسائله .
حاولت ان أهون أمرها و اخبرتها انكم في أول الطريق و هذه اول عتبات الحياة تجاوزُها معاً لتصبح ذكرى مُضحكةً لكم ، أردت ان أكون
(محضر خير ) و لكن حين عودتي لمنزلي هذا ما جادت به قريحتي على حال صديقتي و احتفظت بها لي لم و لن أُخبرها عنها قط ..
.........................
أحببتهُ فأبكاني و مسحت بأطراف البَنان أجفاني
ظننت أنّي لا أحيا بلا عِشقٍ و حُباً منه أشّجَاني
لم أرهُ في الخلق ِ قاطبةً سُبحان من سوَّاه و سواني
رقيقُ الطرفِ جميلُ المُحَيا بِلُطفِ خُلقهِ أعياني
بِقُربهِ رأيتُ قِفار الأرضِ مُزهرةً بساتينٌ و ريحاني
كوكبهُ الدَّري أحببتهُ بما فيه من صحراءٍ و خِلجاني
ذنوبهُ من قبلِ فضائلهُ غفرتُها و عنها القلبُ أعماني
سُبحان من ذا بأمرِهِ مُقسِّم الأرواح في الأبداني
مِن بعدِ ماتم ذِكرهُ برهنتُ عِلتيِّ و الفِكرُ حيراني
فما جزاءُ الجِنس من عملٍ إلا بِمثلهِ او الردَ بإحساني
هذا ما ربيَّتُ عليه في صغَري من عقيدتي و إيماني
و ما رأيتُ من خلّي إلا تكبُّراً من لَدنهِ و طُغياني
أفرَط بفؤادٍ كان يسكُنهُ و أضرم فيه من الأخطاء نيراني
فلا سلوكاً مِنهُ يقبلهُ فِكرُ البهيمةِ ولا الإنساني
أنا الذي بالقلبِ أسكنتُك و لك بهِ قصوراً وغِمداني
و أنا الذي بالعِزِ أسَّستُك و لك بهِ قواعِدٌ و أركاني
لا تعدِلَّن عما أنت بهِ و تصحو من غفلتُك يقظاني
و إلا وربِّ العزةِ لا مكان لك في قلبي ولا أو طاني
و لا أخسِفن بك قعَّر المذلةِ مُصيبةً ليس لها سلواني
لِكُلِ مُبتدأ خاتمةً و لِكُلِ كتابٍ في أول الصدرِ عنواني
فكُن على بينةٍ لا عاش قريراً من بالقلبِ أشقاني