بسمـــ الله 

منذ يومان كنت في حـــــــالة من الهم و الحزن و بالمناسبة هناك فرق بين الهم و الحزن : الأولى تتعلق بالقلق و الخوف من المستقبل ، و الثانية بالألم المرتبط بأي حدث فــي الماضي سواء كان الماضي القريب أو البعيد.

كلمتني خالتي "مواسية" (جزاها ربي الجنة) عن سعة رحمة الله ، فسبحان الله لامس كلامها قلبي وقلت في نفسي: أنني دائماً أكثر الحديث عن رحمة الله فصبراً جميل يا " جنات" (لقبٌ يعجبني :) )

في ذات اليوم و اليوم الذي يليه حصل أمامي موقفين:

الأول :

خرجت أنا و وزوجي فــي حاجة نقضيها للمنزل فضطر زوجي للوقوف لتعبئة الوقود فأقترحت عليه أن ينزل ويبتاع لنا شيئا من الدُكان المقابل، نزل مشكوراً و دخل المحل ثم بعد دقيقتان نزلت امرأة و طفلان الى ذات المحل و طفلها الثالث (بعمر 5 سنوات تقريبا) رفض في البداية القدوم معها ،فتركته الأم و دخلت المحل، على ما يبدوا أن الطفل غير رأيه فنزل من السيارة و تبعها لكن باب المحل لسبب لا أفهمه لم يفتح..!

أخذ الطفل يبتعد و يقترب من الباب بلا فائدة ثم يبدوا لي أنه قرر الدوران حول المحل !

و في اللحظة التي بدأ الطفل يبتعد عن باب المحل و أراد المشي في الشارع للدوران حول المحل فــي زحمة مرور السيارات خرج زوجي من المحل ، فأستغل الطفل انفتاح الباب و ركض مسرعا للداخل..

ابتسمت ورددت " الله أكبر "سبحان الذي جعل لنا حاجة في توقيت معين و أخرجنا من المنزل و جعل لنا حاجة لتعبئة السيارة بالوقود من مكان محدد و في زمان محدد و ثم  لدخول محل لم نخطط لدخوله ومن ثم توقيت محدد لخروج زوجي من باب المحل🕠

كان من الممكن أن يتأذى الطفل ، أو على أقل تقدير أن يشعر بفزع فقدان أمه لخمس دقائق لكن إرادة الله و رحمته كانت هــي الكلمة العليا النافذه..

"وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا"

الثاني:

 أم عاملة إضطرت أن تجلب طفلتها الرضيعة إلى مكان عملها وضعتها في الأرض على سريرها الصغير (المنز) في نفسي قلت سينزعج الجميع منها و ربما ربُ عملها سيبدأ بالتنديد و التشهير و العتاب و التحذير ، هي فــي موقف عجز و الطفلة أعجز من أمهـــا.

 الواقع كان مختلف انجذب الجميع للطفلة وكانوا يتنافسون لحملها و ابقائها معهم بساعات ، و الكل يتودد للطفلة و ربُ العمل لم تفارقه ابتسامة الرأفة لحال الأم و الطفلة ..فتقدمت بفضولي و سألت ما اسم الطفلة وكان الجواب: رحمـــــــــــــــــــــة

فتذكرت:

"وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ"

أمــــــــــــــا الضربة القاضية على همي و حزني كانت :


"مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)" 

و التحليل التالي قرأته من كتاب أربعون للأستاذ أحمد الشقيري :)

علاج الخوف من المستقبل و الحزن الذي سببته بعض الأحداث في الماضي " الثلاثية القوية" ألا وهي:

  • الإيمان بالله

  • و اليوم الآخر

  • و العمل الصالح

الإيمان بالله: الله هو القادر هو السميع هو العليم هو القريب هو الرحيم هو الملجأ هو الركن الشديد الذي أَويتَ أنت له في الماضي و ستأوي له في المستقبل كما تأوي له الآن.

اليوم الآخر: هنا تتبدل معك الموازين تجد لنفسك دافع قوي أن هذه الحياة مؤقته لو أنا صبرت على نفسي أكثر بقليل ، أحسنت أكثر ، صَدقت في كلامي في أصعب الظروف ، وذكرت نفسي أنه الظالم له يوم و يندم حيث لن ينفعه الندم ، فقط بهذا التفكير سأجد كل ما حصل و كل ما يحصل و نضالي في الحياة له معنى وقيمة وجزاء.. (و لعل جزائنا جميعاً الجنة)

العمل الصالحومن الأعمال التي تذهب الهم و الحزن:

" الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)"

 ختاماً رحمة الله و لطائفه عظيييييمة حتى الألم  الذي نصاب به هو الدواء لكثير من أمراض القلوب التي نصاب بها  و هو المعلم الذي يفتح لنا أبواب من المعارف الحياتية و هو الحكمة التي تُبصرنا ..

فقط استعمل عين بصيرتك بقلب ملؤه حب التعلم و الإيمان.