لِيبِيَّا.. رِحْلَةُ الدَّمَارِ لِلْبَحْثِ عَنِ النَّجَاة !ِ
نشعر بالخجل وكامل مأساة الأمة الليبية حينما نرى تعثر النجاة في ليبيا ونجاة بعض دول الربيع العربي منهم تونس ومصر لاستكمال رحلة الاستقرار الدستوري والأمن القومي، مخاوف كانت تواجه بلادهم من العنف والتطرف والراديكالية السياسية.
اليوم تشهد دول عربية انتقال سلمي في تداول السلطة في ضل الدساتير الغير جامدة والقابلة لتعديل والتغير والتكيف مع أوضاع البلاد ومع هذه الفترة الحاسمة في دور الربيع العربي نرى أنهم جديرون بتجاوز محنتهم بسلاسة بالانتقال السلمي للسلطة الشرعية.
وعلى هامش مشاركة تشجيع جنازة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي يلتقي رئيس مجلس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج ببعض الرؤساء والمسولين ليعبر لهم مرارا وتكرارا عن مستجدات أوضاع الحرب والاقتتال والمحاربة وتداعيات الاعتداء على العاصمة الليبية طرابلس من القوات المسلحة العربية الليبية بقادة المشير خليفة حفتر.
فما هو نوع النجاة التي يحلمون بها في غياب كامل للحوار والتفاوض بين الطرفين المتنازعين على السلطة الليبية وفي غياب كامل للشرعية الدستورية التي من شأنها أن تحدد سلطات كل من أطراف النزاع.
لكن السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني يشيد وبكل فخر على دور الرئيس التونسي الراحل الباجي قايد السبسي بأنه شكل مثالا رائعا ونموذجا حضاريا رائدا لجيل القادة العظماء الذي أنجبتهم تونس على مدار العقود الماضية.
السراج تناسى أو متناسي دور قياده الدولة الليبية في إخراجها من عنق الزجاجة بالمتفاوضات السياسية مع خصومة، ويكتفي بالقول دون الفعل من بتصريحاته الرنانة ومطالبة الخصم العودة بالقوات المسلحة العربية الليبية من حيث ما أتت.
استئناف العملية السياسية ليس مرهونة بعود القوات المسلحة إلى المنقطة الشرقية كأن شي لم يكون ولكن يجب الأخذ في الاعتبار الحالة التونسية التي استغرقت خمس ساعات لتعمل مؤسسات الدولة على نقل السلطة من الرئيس الراحل إلى رئيس البرلمان التونسي ليكون الرئيس مؤقت للبلاد حتى يتم فيها الانتخابات الرئيسية القادمة.
نحن اليوم نرى على مشاهد أعيوننا ومسمع أذاننا إحدى دول الربيع العربي ننتقل من مرحلة إلى مرحلة بعملية سلسة دون أي عرقلة سياسية راديكالية في وجود الدستور والقانون الأعلى للبلاد، أم بلادي ليبيا يتعثر فيها النهج السياسي الديمقراطي وانتقال السلطة عبر الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
لا يوجد قواعد جديد في ليبيا بل توجد دولة بدون دستور دائم يحميها ويحمي حقوق المواطنة الليبية حتى تتمكن المواطنة من أداء واجباتها كامل نحو الدولة الليبية الدستورية، والعدوان على طرابلس كما سميه البعض لا يمكن تجاوزه عند فشل الحكومات الليبية المتواجدة على الساحة السياسية.
لكن يوجد مخاوف تتحول فيها ليبيا من معد الفرحة والنجاة إلى الانتكاسة السياسية التي اغرق البلاد في دوامة الصراعات السياسية الراديكالية، فلا يوجد مأتم ستقبل العزاء برحيل الشهداء من طرفين النزاع ولا ارض تسع المهجرين من أبناء الوطن الليبي.
البحث عن النجاة في الدعوة إلى المصالحة الشاملة وأعطى كل ذي حق حقه والخروج من دوامة الفتن وأباحت دماء أبناء الوطن من اجل عنجهية الصراع على السلطة والنفوذ، ونادرا ما يصل الساسة الليبية إلى بر الأمان بسلام.
قد تكون القضية الليبية مرهونة عند بعض الساسة الليبية بسبب عورة الطريق في التفاوض السلمي بين الأقطاب السياسية المتناحرة، ولكن تكتيكات ووقائع خذلان الشعب الليبي فيهم اكبر وأعمق في تسير البلاد بعد سقوط النظام الجماهيرية الليبية السابق.
تجربة ليبيا تجربة صعبة كانت في أزالت النظام السابق في مهد الثورة الشعبية في ربيعها العربي للتحول إلى حرب أهلية تطحن فيه الأخضر واليابس لشعب ارتضى أن يعيش حر كريم على أرضه بقيمة وإرادته الشعبية.
لقد وصلت بالسراج أن يشير في كلمة بمقولة الرئيس الراح الباجي قايد السبسي أن "تونس وليبيا واحد في بلدين" لكن العقلية التي تحكم ليبيا ليس بنفس العقلية التي تحكم تونس بالمنهاج الدستوري حتى باتت ليبيا مهددة بالفشل الكامل.
ولسوف اختم مقالتي هذه برحلة الدمار للبحث عن النجاة بكلمات الرئيس الأسبق منصف المرزوقي التي وجهها إلى الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي الذي كان خصمه لسنوات طويلة.
" انه ثمة لحظات في حياة الأفراد والشعوب يجب فيها أن نرتقي بأنفسنا إلى مستوى أعلى مما اعتدنا عليه في سائر الأيام"، وعليه من الالتزام الكامل في هذه الظروف الدقيقة في حياة الشعب التونسي.
وهذه الظروف الصعبة التي تنطبق على تونس كما تنطبق على ليبيا الجارة في زيادة النضج والقوة والتلاحم وحسن الإعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية وخروج ليبيا من المعضلة الراديكالية السياسية والعسكرية الشمولية.
بقلم / رمزي حليم مفراكس