وما لحرب إلا ما علمتم وذقتم         وما هو عنها بالحديث المرجم

طحنت رحى الحرب في سورية كل مدنها وشوارعها، ضاربة بحاضرها وماضيها عرض الحائط، فما أن تغزو الحرب مكانا حتى تغير ملامحه، وتؤثر في شكله وبنيته الاجتماعية، ومن ذلك ما تعرضت له مدينة دمشق بسبب النزاع المستمر منذ ما يقارب العشر سنوات، حيث بلغ المد الشيعي ذروته إثر التدخل المباشر للمكون الإيراني في الحرب السورية، فتحولت دمشق من عاصمة الأمويين إلى حسينية..

وبدأ سكان دمشق يستغربون التواجد الشيعي العلني، وانتشار الرايات السوداء، بالإضافة إلى مشاهد اللطم في مناسبات واحتفالات الشيعة في ساحات الجامع الأموي، حتى أن الماشي في شوارع دمشق، يسمع أناشيد الشيعة متداولة بشكل علني وعلى مسمع الجميع، والدمشقيون يتهامسون فيما بينهم “أين نحن؟”، “من هؤلاء”؟، “هل غادرتنا دمشق إلى غير رجعة”؟!، “أهذه دمشق؟” حيث أصبح الشيعة يمارسون طقوسهم على مرأى من سكان دمشق وبشكل مستفز، في حين كانوا يمارسونها على نطاق ضيق ومحدود.

 واتخذ الوجود الإيراني في دمشق بعدا سياسياً لا شكلا دينياً فحسب، إذ شهدت الدوائر الحكومية في دمشق بحسب سكانها تواجداً ملحوظاً للعنصر الشيعي في مكاتبها ومناصبها، حيث لاحظ المراجعون وجود الموظفين الإيرانيين فيها بين حراس أمن وموظفي تسيير المعاملات، وامتد الزحف الشيعي ليجوب كشافة المهدي” شوارع دمشق وهم من الأطفال الذين تم تشييعهم، بالإضافة إلى افتتاح مدرسة؛ لتدريس العلوم الشرعية على المذهب الجعفري بدعم حكومي.

قدمت الحكومة السورية كنوع من رد الجميل للسفارة الإيرانية صلاحيات غير محدودة، حيث سيطرت السفارة الإيرانية بمقتضى صلاحياتها على مساحات واسعة من الأراضي المحيطة بالسفارة، بالإضافة إلى استملاكها أراضي أهل المزة عنوة، حتى أنهم أزالوا حي المصطفى بأكمله من خارطة المزة، وابتنت الكثير من الحوزات العلمية والحوانيت التي تنشر الثقافة الشيعية، والحسينيات التي بلغت 500 حسينية.

وتحت غطاء قانون مكافحة الإرهاب المزعوم، يستولي أتباع النظام على البيوت والمباني بحجة المقايضة الإجبارية أو البيع بالمزاد العلني.

اليوم.. يعاني سكان دمشق حالة من الانفصام، فلا يستطيعون إبداء الاعتراض على وجود هؤلاء الغرباء بينهم، فيدخلون في حالة من التغييب والانفصال عن الواقع؛ لعدم قدرتهم على مواجهته أو تغييره، ولا يجدون حلا إلى في التعايش معه وقبوله أو تجاهله وكأنه شيئا لم يكن..

المصدر: أزمات