بعد مرور أكثر من سنتين من إعتقال نخبة الحراك الاجتماعي بالريف "مجموعة الزفزافي والذين ذهبوا على نهجهم" نجد الآن مقارنة بالأمس الانفعالات والحديث الشعبوي الذي كان له مواضيع حساسة داخل المقاهي الريفية والنقاشات السرية مثل المطالبة بالحكم الذاتي أو بتحقيق الجمهورية الريفية على يد مساعدة الجالية الريفية المقيمة بالخارج، أو النضال من أجل تحقيق جميع المطالب الإجتماعية والسياسية والاقتصادية.. إلى آخر رمق ولو تطلب ذلك التضحية الروحية للتعبير عن العناد الريفي الذي ربما غالبا أن أصله من أصل قبيلة ايث ورياغل.
ربما آمن شبابنا بالتغيير مع موجات الحداثة والعولمة التي يعيشها إيقاع العالم حاليا، إعتمادا على ضمانات مثل أن حاضر الدولة المغربية اليوم تحاول في أفق الاندماج تكريس نظام الديمقراطية والحرية الفردية كقانون نظري، والضمان الأساسي الذي حلق كنسر جامح مثل الوهم القوي بسماء الريف حينذاك، كانت الوعود الخارجية التي دفعت الزفزافي ورفاقه إلى الانحراف عن العقلانية والبعد عن الواقع وعن الإستفادة من التاريخ، والتهم التي وجهت إلى الزفزافي ورفاقه مثل زعزعة إستقرار الدولة كان مبنيا على حادثة إيقاف الإمام عن نهاية خطبة الجمعة بالإضافة إلى سب هبة الدولة والملك كأمير للمؤمنين إلى جانب تحدي الدولة وإعلان عليها الحرب بوعود خطيرة.. الخ، والانفعالات العفوية بصفة عامة في الأوقات الغير المناسبة يجب أن نتحمل مسؤوليتنا تجاه ردة فعلنا وإنفعالاتنا قانونيا رغم أنه قانون خاضع للتبعية وللرقابة، ولهذه الأسباب وغيرها اليوم لاتزال النخبة الحراكية 2016-2017، معتقلة في السجون المغربية.
العبرة أو الحكمة من خلال هذا الدرس "تجربة حراك الريف" التي بدأت مع موت محسن فكري من أجل لقمة العيش، كرسالة واضحة جدا أريد أن أوجهها للريفيين بصفة خاصة، هو أن نستفيد من درس الحراك كما لم نستفد من باقي الدروس التاريخية بين علاقة المخزن والريف، والاعتراف أن جميع الفئات التي تنتمي إلى الريف فشلت فشلا ذريعا في التحكم بالسلطة الثانوية قبل الاستقلال وبعده، منهم جميع السياسيين والاطر المثقفة والنخبة الريفية التي تملك شاربا، الدليل على فشل الريفيين في المغرب نسبيا هو سقوط جميع المبادرات لإطلاق سراح المعتقلين التي جاءت مثل أمل ساطع بعد نكسة عميقة في النفسية الريفية بالإضافة إلى تحول أغلب الريفيين إلى مخزنيين مثل إلياس العمري وأصحاب الذين أكلت قلوبهم "ياني أومي غايدجا وور" وهذا يدل على أن المخزن نجح في عملية تدجين الريفيين أحسن بكثير من تدجيين أهل فاس، وجواب هذا السؤال؛ من يمثل الآن منطقة الريف كحزب سياسي في البرلمان؟ يدل بشكل آخر على هزيمة الريفيين سياسيا في إمتلاك إحدى السلط الثانوية لخدمة الريف ولو رمزيا.
المحور الثاني من الدرس ربما هو كيف تعاملت الجالية الريفية مع قضية الحراك فعليا، الجالية الريفية المقيمة بالخارج عليهم أن يعترفوا جميعا شاءوا أم أباوا، أنهم لايستطيعون تحمل أنفسهم هناك كريفي يتعامل مع ريفي، وبالتالي تخيل معي أن يجدوا حلا وسيطا لقضية الريف، بالطبع وبلا شك فالجالية هي المغذي الأساسي للأوهام التي يحلمها الريفيون داخليا وخارجيا عبر خط الجمهورية اللايفية أو من خلال مواقع التواصل الإجتماعي، كما أصبحت النائب الرسمي بعد إعتقال مجموعة الزفزافي، والصراعات التي حدثت منذ مدة بين مواقع مختلفة داخل الجالية تظهر بشكل واضح عدم رغبة الإستماع وفهم الآخر والتفتح على إنتقادات الغير.. ، والحقيقة أن معاملة الجالية الريفية مع ساكنة منطقة الريف في زمن الحراك لم تعجبني، لأنها السبب الرئيسي بطريقة غير مباشرة في دخول مجموعة الزفزافي السجن، وهي السبب أيضا فيما يعيشه الريفيين الآن من متاهات لامتناهية بين التشبث بالهوية والتطور من خلال المصالحة الوطنية.
السؤال الذي يتبعنا دائما ربما بعد حدوث أي شيء هو؛ ما الذي سيحدث الآن ولاحقا؟ أي ما هو مستقبل الريف أو الريفيين عموما؟ ، لن أجيب على أي شيء مستخدما التوقعات من خلال تحاليل الماضي والحاضر، لكن سأترك لكم التفكير في محاولة مقاربة المستقبل إنطلاقا من تحليلكم الخاص للواقع، وإن كل تطور "جيل" يبنى على التطور "الجيل" الذي سبقه سواء إلى الأمام أو إلى الوراء.