لا تخبره : أن الباب قد أُغلِق بإحكام أمام وجهي العابس ، في غيابه غدوت أعمى ، أتلمس بريق عينيه في استحضار اللقاء ، فاقدٌ نورَ رؤيته ، وأبتسم متحايلاً على الآخرين ، فهو لا يعرف أن فراقه مرضٌ قد استحكمت قبضته مني ، ودبَّ سقمه في عيني ، فأصبحت كفيف البصر أمام رؤية غيره فقط ، بل إن العتمة قد غزت جسدي كله ، وقرحت تباريح الوجد خلايا قلبي وجسدي ، وأوجعت آهات البعد عنك لواعي صدري ، فمن لي غيرك أيها العطوف ، يا حالم الليالي الطوال بفلذة قلبك النائي المعذب .

لا تخبره : إن موعدي مع العلاج قد بددته سنوات انتظار لقائه .

لا تخبره : إني لا أعرف النوم ، وأعيش فقط على تأمل صوره ، وبأن خياله قد تعب مني .

لا تخبره : إن دموعي نهر دمٍ لا يتوقف ، وبأني هرعت أتحسس صدري بلا وجل ، ولم أدر أن قلبي قد انتزع مني ، حين وداعك لي ، فطار قلبي في الفضاء ، وكان آخر مشهد لمحته قبل أن أجد نفسي فاقد الوعي ، تلك عيناك حمراوتان كالجمر .

لا تخبره شيئاً عن أوجاعي ، بل أخبره : إنني حيٌ وسليم ، أرى ، و أمشي ، و أركض ، وألعب ، وأقفز ، وأكتب ، وأقرأ .... ، أخبره : إنني أحمل وجعي على كتفي ، وأرى قلبي مجرة تزين الفضاء ، يناديني من بعيد نحو السنا ، النجوم ، والشمس ، والقمر .

أخبره : إن كان حلمي لا يكفي ، فلك مني حنين بطولي لا يغادرني ولي منك لغتي ، وشهيقي ، وصورك على جدران حجرتي ، أكشط بها وجعي كلما غاب الضوء من حولي ، أخبره : إني أسمع صدى صوتك عبر الأثير المنساب منك إلي .
أخبره : ما زلت على بعد خمسين باباً من بيتك ، أدنو منه كلما طار طائر الشوق ، واشتعلت النار في عيني ، ولسعتني الأسلاك من بين أضلاعك ، ونالني فضل فراقك لي في استعادة اليقظة 💛
- أميرة نواس