د. علي بانافع
نظمت جامعة الملك سعود ممثلة في مركز الملك سلمان لدراسات تاريخ الجزيرة العربية وحضارتها اليوم الأحد الموافق 1440/11/5هـ حفلاً رسمياً للإعلان عن أسماء الفائزين بجائزة الملك سلمان للدراسات العليا في تاريخ الجزيرة العربية وحضارتها في دورتها الثانية، تحت رعاية معالي وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ، وذلك في مقر الجامعة بالرياض، وأوضح المشرف على المركز الدكتور عبد الله السبيعي أن الجائزة توزعت على ثمانية فائزين، ثلاثة برسائلهم في درجة الدكتوراه، وخمسة برسائلهم في درجة الماجستير، من خمس جامعات سعودية هي: جامعة الملك سعود، وجامعة أم القرى، وجامعة الملك خالد، وجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل، وقال الدكتور عبد الله السبيعي: "إن جائزة الملك سلمان بن عبد العزيز لطلاب الدراسات العليا هي دعم وتشجيع طلاب الدراسات العليا، وتحفيز لهم على الإبداع في مجال تاريخ الجزيرة العربية وحضارتها، علاوة على تعزيز الاهتمام بالدراسات التاريخية عن الجزيرة العربية، وإثراء الدراسات التاريخية والحضارية عنها بأعمال تتميز بالعمق والأصالة العلمية".
وبفضل الله وتوفيقه حقق أخي وصديقي الدكتور بدران بن محمد الحنيحن قصب السبق ونال شرف الجائزة وحظي بالتكريم، وأحد الأشياء الجميلة التي أعرفها بشأن الطبيعة الإنسانية والعلاقات البشرية هو أننا جميعاً نميل إلى إظهار الفرح والسرور، والمبادرة إلى التهنئة والتبريك، لأننا جميعاً نحلم بحديقة ورود جميلة بالأفق والتمتع بالورود والزهور المتفتحة على سطح علاقاتنا الأخوية.
فأقول: إن للأخلاق رجالُها، وللشهامة والنخوة والمروءة رُوَّادُها، وللأخوة والصداقة حقُّها، وللتاريخ أهله ورجاله، يوم مبارك ومميز وتاريخ لا يُنسى ويبقى محفوراً في الذاكرة، ورسالة الجائزة ودلالة التكريم واضحة إلى الأصوات المطالبة بإلغاء تدريس التاريخ في المدارس، والاستغناء عن أقسام التاريخ بالجامعات العربية، قد أفهم مطالبات بتطوير دراسة التاريخ وتدريسه، فذلك حق مشروع ويجب الالتفاف له وبقوة، ولكن وقف تدريسه وإغلاق أقسامه الأكاديمية فتلك دعوة خاطئة نرى نتائجها جلية فيما انتهت إليه أحوالنا على امتداد الأرض العربية، من افتقاد بعض النخب العربية الموجودة -اليوم- للرؤية الاستراتيجية، لو دَرس هؤلاء التاريخ لما كُنا اليوم يُقاتل بعضنا بعضاً ببأس شديد، ونخدم رُغماً عن أُنوفنا وعلى عكس كل النوايا والتصريحات والشعارات نخدم مصالح ومخططات أعدائنا، لو دَرس هؤلاء تاريخ الحروب الصليبية بكل تفاصيلها المُشرفة والمُخزية، لو درس هؤلاء تاريخ الأندلس وخاصة فترة ملوك الطوائف، ولو … ولو … لأدركوا ببساطة أن مواقف أمراء في بلاد الشام تجاه التعاون مع الصليبيين، وتحالفات ملوك طوائف الأندلس مع الأسبان النصارى ضد منافسيه وجيرانهم من ممالك المسلمين، كأننا أُمة بلا ذاكرة، وبلا تاريخ، وبلا حِكمةُ، بأسنا بيننا شديد، أما بأسنا تجاه أعدائنا فذلك أمر دوننا ودونه حجج الدبلوماسية والتعاطي مع النظام العالمي.
وباختصار شديد خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز (حفظه الله ورعاه) هو أبو التاريخ والمؤرخين في العالمين العربي والإسلامي، وهو يُؤكد على أن التاريخ جزءاً أساسيا من ثقافة أية أُمة، حريصة على بناء حاضرها ومستقبلها، وأن التاريخ هو المفتاح الوحيد لحل مختلف المشكلات، وللوصول للحق فيما يُلتبس على الناس أمره من مختلف المشكلات والنظريات والآراء، وأن التاريخ هو السبيل الوحيد لاكتشاف الحقائق والمبادئ والقيم، فما أعظم كارثة الأُمة حين تبتلى في تاريخها، إنه التاريخ المعلم الكبير للبشر …