مع بداية حراك 22 فيفري أزيح الستار عن كثير من القضايا والمسائل وعلى وزن قول أهل الصوفية في الزوايا خبايا فكذلك للتاريخ حكاية في كل مرة يظهر الجزء الخفي والحقيقي من ما يسميه علماء الإجتماع حركة التاريخ .
ومما يجعل حركة التاريخ غير تائهة هو مدى وعي ونضج الشعوب وليس بغريب علينا أن نرى ونسمع حقائق من تاريخنا لو لم يكن حراك 22 فيفري لم نكن لنشهدها لأن الحقيقة المطلقة تقر بأن الشعوب غير المهيئة للفهم ثم البحث في تاريخها لا يمكنها إطلاقا الخوض في شؤون مستقبلها دون المرور على كل ماهو مزيف وموجه .
ولقد رأينا بالأمس القريب فقط شهادات لرجال كبار وثوريين ونزهاء ووطنيين تكتموا لفترات كبيرة على أسرار عظيمة طبعا لكل كتوم حجته أو حاجته من تخويف أو تجليل وبذلك خسرنا وقت أكبر في نهضة هذه الأمة .
ولعل الشعب الجزائري اليوم مستبشر بحصادين وفيرين تمثل الحصاد الأول في وفرة فلاحية معتبرة ونجاح باهر لبعض المنتوجات منها حتى الموسمية كالموز والأناناس مما أعطى حافزا لسوق فلاحية ستزيد رقعتها بأحجام كبيرة تساهم في تقارب القدرة الشرائية وحاجات الناس الغذاىية في المقابل ينتظر الجميع فعالية قانون جديد في الساحة السياسية سمي بالمنجل والقصد هنا هو أداة المنجل التي تستعمل في الحصاد الزراعي غير ان الحكمة تقضي أن المنجل يمثل القوة والعمل معا لذلك كان وصف مايحدث في الساحة الحزائرية هو عملية حصد سياسي لأناس تتطبعوا وتعودوا على النهب والحقرة والتضييق على حريات غيرهم وبذلك ستكون أداة المنجل وافية كافية لحصدهم كما عبر أحد الشعراء قائلا :
لا حل إلا منجل به همومي تنجل
لكل غر وفاسد وأنذل بمنجل مسنن مهذب مذلل
أهذا فلم راق لي أم روعة المسلسل
فمثل ثقافة منجل هي مانحتاجه بيننا وبقربنا حتى لا نعتبر أن الفلاح الحقيقي هو بتطهير البعبع الكبير لأن داء هذا البعبع هو دواء للبعابع الصغيرة والتي خرجت هي أيضا في حراك الأحرار تنادي كليتو البلاد يا السراقين بينما نشهد في كل حيثيات حياتنا ويومياتنا تفشي سلوكات معبرة عن فوضى بشرية تسود أن كنت أنت جزء منها فستعيش ويعيش من أيد فوضاك وإن كنت ضدها فستجني خيبات ومآسي زمانك طبعا في إيطار سننهم الخبيثة أنا في إيطار سنن الكون فيختلف الكلام وتبقى قواعدهم هي من معين في إيطار مايمكنك أن تمنحني على قدره سأمنحك وهذا ما أفسد شفافية ومصداقية حقوقنا وأعطانا صور خيالية لواجباتنا وما كان أصلا أن يكون هو ماهو قائم في كل المنظومات العالمية وهو العطاء بالأخذ والمغزى هنا أعمق من توقيف فلان وعلان وتخوين هذا وذاك وتهوين عظيم وتهويل صغير كما هو واقع اليوم من الخوض في مالآت الاقتصاد الجزائري وأفاقه وتطلعاته وهذا بالحديث عن أرقام على الورق ومشاريع قيد المراجعة وشراكات رهن الإلغاء ولغة إنجليزية قيد الدراسة .
إن كل هذه المسائل ما لم تتحرك أو تبزغ شمس نورها أو تظهر نوايا تجسيدها سيبقى هذا الشعب مقيدا ومظللا لأن حاله لم يتغير ولم يلمس حلا لهمومه لذا كان حري بنا أن نسأل عن فعالية هذا القانون المسمى بالمنجل السياسي حتى يتسنى لنا الخوض في ألياته كالرقابة والشفافية والصرامة وسرعة التنفيذ ، غير ذلك نكون قد خرجنا مضمونا عن دور هذه الأداة التي أشرنا سابقا أنها تمثل القوة والعمل معا أي أن مدى فعالية المنجل السياسي هي من مدى قوة الإرادة السياسية في التغيير مع وجوب التنفيذ .
وبهذا نكون متطلعين لتطهير الفساد المتفشي سفليا بالأخص في التوظيف بالمحاباة والرشوة وإستعمال النفوذ المالي اللاسياسي وقمع الراي الاخر وتجريمه .
هنا فقط أمكننا الحديث عن حراك بطله الوطنيون الذين يرسمون خارطة لطريق الغد ولو بعد حين بعيدا عن المزيفين الذين يرسمون خارطة لطريق نجدتهم .