ثقف الشخص يعني : صار حاذقاً فطناً ، كما تذكر المعاجم اللغوية. أي اطلع وحلل الأحداث والاراء والتوجهات واتخذ منها موقفاً يدعمه بأسباب وحجج تملك الحد الأدنى من المنطقية.

ويتخذ المثقف طريقان يسلكهما ، وهي إما أن ينكفئ على ذاته ويسير بحياته الشخصية حسب قناعاته سالكاً درباً يوصله إلى أهدافه أو قريباً منها ، وتنعكس مبادئه ومواقفه على سلوكه في محيطه الضيق .

وإما أن يتصدر المشهد مثقفاً ناقدً بالدرجة الأولى محللاً للأفكار والإحداث وداعياً أن تسلك الأمة طريقاً يرى بأنه الأقرب للصواب ، ويحشد الأنصار ويقارع المخالفين بسيف الحجج الدامغة .

وفي الحقيقة هذا المأمول من المثقف والمفكر وهي القيام بواجباته تجاه الأمة ، فما فائدة الطبيب عندما ينهي طلب العلم ويعود خاملاً لا يطبب المرضى ؟ بل حتى سأسلب منه لقب الطبابة لأنه كالحمار يحمل أسفارا.(والحمار ليس نعتاً سيئاً ، فقط لأنه عُرف بالحمل والنقل) لذلك المثقف صاحب الإنتاج النقدي مكانه تشريح كل الأفكار والمعضلات ناقداً وطارحاً الحلول ما أمكنه ذلك .

والطبيب الخائن قد يقتل واحد أو اثنين لكن المثقف الخائن يقتل الأمة كلها ويدفعها نحو الظلام والفشل .

ويثير حنقي المثقف الجبان الذي ينتقد أفعال من لا سلطة لهم ويحملهم سقطات الأمة كلها ويحجم عن نقد من بيده السلطات. وكل فعل ناقص هو جريمة تشبه تماماً صديقنا الطبيب عندما يشق بطن المريض ثم يتوقف وينصرف!

وقد يقول أحدهم مدافعاً  هل كشفت عن ما في صدورهم من خوف أو مداهنة للسلطان ؟ وسيكون الرد طبعا لا . لكن منذ متى وفعل السلطة لا تأخذه سنة ولا نوم .

المثقف وظيفتة مناطحة السلطات كلها السياسية والإجتماعية والدينية ، لا يبقي لها عضو إلا يفتحه ويتخذ منه موقف متى ما ثقف بأن فيه خطأ ما .

أو عليه الإنصراف لمنزله ومساعدة زوجته أعمال المنزل وعدم ممارسة النفاق الثقافي ولن يلومه التاريخ على جبنه أبداً لأن لا ذكر له أصلاً.