لتوماس اوبونگ
مقال نُشر في موقع: medium.com
ترجمته من الفرنسية إلى العربية: غاليه علي.
هَل تساءلت يومًا، لماذا قضى عباقرة التاريخ مثل: إسحاق نيوتن، آبرَاهام لينكون، آندي وارهول، ليوناردو دافنشي، مارك أوريل، تشارلز داروين، ونستون تشرشل، بنجامين فرانكلين، إرنست همينگوي، جورج برنارد شو، ومايا آنجلو الكثير من الوقت في تدوين أشياء لن تُقرأ مِن قِبل أحدٍ أبدًا؟
يقول جيم رون: "إذا كنت جادًّا لتصبح شخصًا غنيًّا، قويًّا، متحضرًا، واعيًا، مؤثرًا، مثقفًا، وفريدًا من نوعك اِبدأ في تدوين مذكرَاتك".
الكثير من الفنانين المشهورين، والكُتّاب، والمخترعين، والمفكرين المبدعين من جيلنا يعتبرون التدوين ضرورة إبداعية بينما يظن البعض أنّه منطقة استكشاف، والبعض الآخر يعتبره شكل من أشكال الفنون بحدّ ذاته. ليس من الضروري أن تكونَ فنانًا، أو عالمًا، أو مخترعًا لِتمارس حقك في تدوين يومياتِك، فَامتِلاك مذكرات يُساعدك على تحديد أولوياتك، وتوضيح وتحقيق مهامك ذات الأهمية القصوى.
التدوين بِخطّ اليد عصاً سحرية لتوضيح أفكارك.
اِمتلاك مذكرة بالنسبةِ إلى تيم فيريس يُشبه مرحلة الإقلاع، ليس إلى مكانٍ قريبٍ فحسب، بل إلى الحياة برمتها، ويؤكد ذلك بقوله: "أستَخدِم المذكرات كأداة لتوضيح أفكاري وأهدافي، مثلما كان يفعل قُدوتي في الحياة كيڤن كيلي. أهمية التدوين لأفكاري مثل أهمية عدسة الكاميرا لِلمصوّر".
يجب أن تستعيد مهاراتك في استخدام القلم من جديد.
أظهرت دراسة أن الكتابة بخط اليدّ قادرة على تحسين عملية صنع القرار، والتفكير الناقد في عدد من المهن الطبية. يقول مايكل حياة: "ما يحدث لنا، والمعنى الذي نسعى إليه كلاهما مترابطان ومهمّان، يساعد التدوين على حلّ تلك المشكلات التي تواجهنا".
تدوين اليوميات الشخصية يسمح لك بقياس التقدّم الذي بذلته للوصول إلى أهدافك، بهدف إبقائك متحمسًا على طول الطريق الذي قطعته للوصول إليها. يقول بنجامين هاردي: "كجزء من صباحك المُلهم، استخدم دفتر يومياتك للنظر إلى قائمة التزاماتك، ولِرؤية مهامك اليومية، ومراجعة رؤيتك للحياة وأهدافك الكبيرة".
أظهرت العديد من الدراسات أن الكتابة الشخصية تساعد الأشخاص على التعامل مع الأحداث المُجهدة، وتخفيف القلق وزيادة نشاط الخلايا المناعية. تقول جودي ويليس (أخصائية الأمراض العصبية ومعلمة سابقة): "ممارسة الكتابة بِإمكانها أن تُحسّن من عملية تدفق معلومات الدماغ ومعالجتها، والحفاظ عليها واسترجاعها، بالإضافة إلى أنها تعزّز تركيز ومستوى انتباه الدماغ، وتحفز الذاكرة على المدى الطويل وتعطي الدماغ الوقت الكافي للتأمّل والتفكير".
أنت تتحكم بما تكتبه، ليس عليك أن تقضي كل صباحك في الكتابة، القاعدة الوحيدة أن تكتب باستمرار مع المواظبة على ذلك لتحقيق أقصى استفادة ممكنة.
إذاً، ما هو النهج الأمثل للتدوين؟
١-في كل صباح ابدأ بتحديد مهام وأهداف يومك.
٢-اكتب قائمة قصيرة بسيطة -تتكون من نقطتين إلى ثلاث- لتسهيل عملية الانطلاق والمضي قُدمًا، وتستطيع المزج بين الأشياء الشخصية والعملية.
٣- حافظ على كون كتابتك مختصرة وبسيطة، فبذلك تصبح عملية التدوين تمرين يومي بسيط بدون أعذار.
في نهاية كل يوم، راجع ما قمت به وما تعلمته، وما تريد الاستمرار عليه غدا.
٤- التزم بفعل مهمات بسيطة جداً كل يوم، ولا تبالغ في كتابة مهام تفوق طاقتك، حاول لمدة ٣٠ يومًا أن تُمضي من ٥ إلى ١٠ دقائق فقط في التدوين، وعند انقضاء الشهر عُد واسترجع كل ما تعلمته وتابع التقدم الذي أحرزته، وبعد ذلك يمكنك أن تقرر ما إذا كنت ترغب بالاستمرار في تدوين يومياتك.
٥- خصّص ٥-١٠ دقائق ذهبية من كل يوم، وفي نفس الساعة، بحيث يمكنك كتابة يومياتك بدون مقاطعة. كل ما تكتبه، أو ترسمه، أو تخطط له ينتمي لك وحدك، يكفيك الجلوس والبدء بالتدوين فحسب.
اِبتكر خريطة إرشادية اذكر أهدافك، صِف رؤيتك ارسم، خطّط اكتب قائمة امتنان، حدّد المدى القريب والبعيد، اذكر كل ما يثير اهتمامك حدّد تفاصيل مشاريعك القوية، اكتب عمّا ينبغي عليك فعله، وفكّر بإنجازاتك. يكفي أن تكتب كل أفكارك على الورقة، أخرج كل أفكارك المُختبئة في زوايا عقلك دائمًا هناك أفكار جديدة ادفع نفسك لمعرفتها فقط.
في إطار تدوينك صباحًا ومساءً، تأكد من كتابة كل الأشياء التي تشعر بالامتنان تجاهها، فالتعبير عن الامتنان: طريقة أثبت العلم فعاليتها للتغلب على العديد من الصعوبات النفسية، بالإضافة إلى ذلك، ستنقل شعورك بالنقص إلى الشعور بالرضا والاكتفاء. يقول هال إلرود، مؤلف كتاب (الصباح المعجزة): "الكتابة اليومية في دفترك بطريقة منظمة واستراتيجية تمكنك من تركيز جهودك على ما أنجزته، وما أنت ممتن لأجله وكل ما وعدت نفسك بالحصول عليه بشكلٍ أفضل غدًا، هكذا ستستمتع برحلتك يوميًّا بشكلٍ أعمق وستشعر بالارتباط في كل تقدم تحرزه، وستصبح رؤيتك أوضح للوصول إلى النتائج المرجوة بسرعة هائلة".
وفقًا للدكتور جيمس بينيبيكر -الخبير في مجال الكتابة- فإن أفضل طريقة للحصول على نتيجة مرضية في التدوين تُوجِب عليك:
نسيان قواعد اللغة والإملاء أثناء الكتابة.
الصدق والوضوح (اكتب وكأنك أنت القارِئ الوحيد).
الكتابة بخط اليد للاحتفاظ بما دونته دائما.
العفوية في الكتابة، كلما كنت عفويًا كلما كتبت أفكارًا أكثر بوقت أقل.
تذكّر أن الكتابة وحدها لن تزيد إنتاجيتك، عندما تجمع ما بين الإنجاز والتفكير فإنك ترفع مستوى جودة إنجازاتك مع مرور الوقت. يقول الصحفي المعالج النفسي مود بورسيل: "الكتابة تحفز الجانب الأيسر من المخ المسؤول عن المنطق والتفكير التحليلي" وأضاف "عندما يكون الجانب الأيسر مشغولًا يصبح الجانب الأيمن متفرغًا للقيام بما هو أفضل، بالابتكار و الإحساس وبهذه الطريقة فإن الكتابة تزيل الحواجز الفكرية وتعرّفنا على عقولنا بسهولة، لإصلاح أنفسنا وتحسين العالم من حولنا".
تدوين المذكرات ليست مجرد هواية مملة، إنما عادة أساسية، والعادات تُؤثِّر على طريقة العمل، الأكل، اللعب، العيش، الإنفاق والتواصل مع من حولنا، مثلما قال تشارلز دويكـ، مؤلف كتاب (قوة العادات): "تُشجّع العادات على التغيير من خلال تطوير عادات أخرى أكثر نفعًا" فأي تغيير بسيط في أحد جوانب حياتك بإمكانه صُنع الكثير من التغييرات الإيجابية.
التدوين طريقة عمليّة وسهلة تبقيك على تواصل مع ذاتك، جسدك، أحلامك، وهدفك في الحياة.