عندما تخوض المنظمة غمار التغيير الإداري تحرص إدارتها الجديدة في الغالب على التأكيد على أنها ستقوم بمواصلة البناء على مابناه السابقون وتستكمل مسيرة المؤسسين  .. إلى غير ذلك من العبارات التحفيزية لإشاعة الأجواء الإيجابية وتحفيز الموظفين وهذا جميل .. لكن المسؤولين يعلمون في قرارتهم أن أي تغيير مهما كبر أو صغر يصاحبه ألم وشعور بالقلق والفقد حتى ممن يتبنون أجندته بل إن سير العمل، الذي من المفترض أن يتسارع، قد يتباطأ في غالب الأحيان  إلى أن يستوعب أفراد المنظمة الأولويات الجديدة ويعتادوا على مرجعياتهم ويتمرسون على أساليب العمل المختلفة ومايصاحب ذلك من حيرة تصاحبها هفوات غير مقصودة هنا وهناك تزيد من مشاعر التخوف من المستقبل والحنين للوضع السابق المستقر. 

ولو أخذنا التشبيه الشائع بعملية البناء فنحن نعلم أن من أراد أن يبني طابقًا إضافيًا في منزله فإن عليه أن يقوم ببعض عمليات التكسير الموضعية في الجدران لتعرية الأعمدة ليستطيع إكمال التسليح وصب الأعمدة الجديدة ومايتلو ذلك من أعمال تؤثر على شكل المبنى وجماله مرحليًا وتشعر أهله بالضيق من أصوات التكسير وغبار الأتربة ومخلفات البناء،  لكنهم يصبرون أملاً في النتيجة التي يحلمون بها ولا يملكون سوى مراقبة العمال ومتابعة سير العمل للتأكد من إمكانية الانتهاء في الوقت المطلوب. فإن كان المقاول يعمل بجدية والتقدم واضح فا الألم أقل أما لو كان العماله متلكئين حائرين ينتظرون المواد  والتعليمات وبعضهم يتلف عمل غيره بقصد أو بدون قصد والعمل يرواح مكانه فالألم أشد . حتى من يمر بجانب المبنى سيرى المكان في حالة متدهورة نوعًا ما إلى أن تتم عمليات التشطيب واللمسات النهائية التي تدل على اقتراب تحقيق الحلم ..  

إن مسار التغيير الإيجابي ليس كله تصاعدي  فهو يخرج المنظمة من حالة الثبات  ويضعها في مسار متذبذب هبوطًا يعقبه - في أحسن الأحوال- تصاعد مستمر بعد فترة قد تقصر أو تطول وهو مايعرف بظاهرة "التدهور قبل التحسن" (worse before better) كما يعرفها أساتذة إدارة التغيير المؤسسي.  لذلك فإن حديث المسؤول عن إيجابيات التغيير و البناء دون الإشارة إلى الهدم المصاحب لتثبيت قواعد التغيير وصعوبات ووعورة مساراته وإلى احتمالات حدوث تدهور مرحلي قبل التحسن الناجم عن التغيير، فهو يصنع غالبًا توقعات غير واقعية وفجوة بين الواقع و المأمول قد تؤدي إلى زيادة مقاومة التغيير والتندر من قادته وأتباعه.