ليبيا. الخيار الاستراتجي المتعلق بوقف إطلاق النار
قبل ما استعراض الأسباب الموضوعية لاختيار الاستراتجي الوحيد والأخير من وقف أطلق النار، أرى أن نتخذ من تجارب ودروس الماضي عامل جوهري نحتاجه إلى بقاء اللحمة الوطنية متماسكة ومتكاملة وشاملة.
لن يكون كلامي مجرد امتدادا للعديد من المبادرات التي طرحت على الساحة السياسية من السيد غسان سلامة المثل الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا ولا إلى مبادرة فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني ولا من مبادرة تحالف القوى الوطنية الأخيرة.
لكن مع البدء في تواصلنا معا حلم البلاد والابتعاد من المغالطات من الأطراف السياسية التي تقود الدولة الليبية بكل غرور متعجرفة بعيدة عن حق وطموحات الشعب الليبي في العيش بأمن وسلام.
متجنبين المزيد من الاقتتال والمحاربة والقبول بالحل والخيار السلمي الغير مناقض للديمقراطية والدولة المدنية، كجزء من خيار استراتجي متعلق بوقف إطلاق النار واستئناف الحوار السياسي الذي من شأنه يعمل على وحدة البلاد.
لقد سمعنا على الكثير من المبادرات من أطراف متعددة ولكنها جميعا متشابها ومتناقضة في نفس الوقت من الخلاف العسكري إلى عسكرة الدولة والهجوم على العاصمة الليبية طرابلس التي أصبح فيها الخلاف يتصاعد ويتفاقم بالوعيد والقضاء على الخصوم السياسية.
ورغم تناقض الكلام والشتائم بين طرفين النزاع أصبح لا يجمعهم شيئ غير النقيض بصورة الضعف في الأداء الوطني بين خلق مناطق عازلة عن المدنيين الذي أصابهم الدمار والنزوح من أماكنهم السكنية وتقديم المساعدات لهم سبسب الاحتراب.
صور الحاكم المطلق يلوح في أفاق ليبيا بحجج العنف والتطرف والإرهاب، وما يزيدهم إلا تهافت وتفاهة لجمع الأقطاب السياسية المتنازعة على السلطة والابتعاد علن الحوار السياسي والاقتراب من العمل العسكري التي تأججه أطراف إقليمية ودولية.
حكومة الوفاق الوطني لم تستطيع أن تمتلك قرار الرد الكامل على الهجوم المسلح بالعاصمة الليبية طرابلس، فما كان رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج أن يطلق تصريحات بالتصدي إلى قوات حفتر ونحرها وإعادتها من حيث أتت.
ثم يؤكد رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري من جانبه على إنجاح المبادرة السياسية المعتمدة على الاتفاق السياسي والإصرار على عدم التفاوض مع الطرف الذي كرس جهده للعدوان وشخص يفرض رائه بقوة السلاح على العاصمة الليبية طرابلس.
من لا يمتلك قراره السياسي لا يملك مواجهة خصومة في عمليات سياسية وحوارات قد تجنب العاصمة الليبية من الكثير من الأزمات المادية والمعنوية في ضل التجاذب بين قوى الصراع على السلطة والثورة والسلاح.
التفاوض والمبادرات السياسية المتعددة من هنا وهنالك تنصب في قالب واحد هو الخروج من أزمات البلاد المتلاحقة بسبب التعنت وضعف الأداء الحكومة في غياب كامل لشوط التعديلات الدستورية واستمرار المرحلة الانتقالية والابتعاد من مرحلة الاستقرار السياسي.
بينما تصور المغالطة بصورة ثابتة بالحاكم المطلق، رغم أننا نؤمن بالتعددية الحزبية ودستورية الدولة الليبية، ذالك فإن من مردود الإجابة لا نقبل بعسكرة الدولة الليبية ويكفي في الرد على المغالطة لو كانوا هم من يريدون الاستمرار في الحكم.
ومن بوابة أقاف إطلاق النار، يدخل فريق التفاوض على السلم الاجتماعي من أجل الرجوع إلى طاولة المفاوضات السياسية وتصفية القضية الليبية العالقة ووأد الجزء الذي تبقى منها من الدمار والخراب، وعد كان حق عليهم في إعادة الدولة الليبية المدنية.
مشروع أقاف إطلاق النار وبذل كل الجهود من اجل تطبيقه في خطوة لاستكمال السلم الاجتماعي بين المناطق المتضررة، مدركين تلك الصفة التي تعمل على وحدة البلاد في مشروع وطني واحد لا يعمل على تقسم البلاد إلى أربع قطع رئيسية.
أقاف إطلاق النار ينهي الصراع وخاصة أن هذه الخطوة ليست إلا محاولة لشراء الوقت من إعادة ترميم الأضرار التي الحقنة خصام سياسية بين تلك الأطراف المتنازعة لتمر ليبيا من مرحلة الفوضى إلى الأمان الشامل والكامل.
بقلم / رمزي حليم مفراكس