في بداية مشواري الوظيفي كنت أزين طاولة مكتبي ببعض الإكسسورات التحفيزية والتي كان بينها لوحة صغيرة بلاستيكية مكتوب عليها “ الطريق إلى النجاح يظل دومًا قيد الإنشاء” وفي يوم من الأيام كنت ألهو بورقة صنعت منها زورقًا صغيرًا (شغل أوريقامي) لونته بأقلام فسفورية أو " أقلام السلخ"على قول طلاب جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وكتبت عليه كلمة النجاح وكأنه قارب الوصول إلى النجاح ووضعته بجانب تلك اللوحة الصغيرة.

دخلت مكتبي في أحد الأيام لأجد أن أحد زملائي قد كتب بخط جميل كلمة آيسكريم قبل كلمة النجاح فأصبحت تقرأ " آيسكريم النجاح" وذلك على ما أذكر كان علامة تجارية لإحدى عربات الآيسكريم المتنقلة في المتنزهات و الكورنيش. ضحكت مما فعل وقمت بتعديل وضعية مقدمة القارب لتكون مرتفعة نوعًا كي يبدو وكأنه يشق غمار بحر الحياة ويقاوم موجاته المتلاطمة ..لم أستوعب لحظتها رسالته التي ربما كانت تقول لي باختصار .. خف علينا يابطل تراك محبكها شويتين ..

استقرت كلمة " آيسكريم النجاح " أمام ناظري لأكثر من ربع قرن ولم ألتفت لفحواها حتى تذكرتها فجأة عندما بدأت أفكر في عنوان ملائم لمذكراتي. انتبهت أنني لم ألق بالاً لكلمة آيسكريم لأن جل اهتمامي كان منصبًا على النجاح فقط ، ولكن عندما تأملت أكثر  استوعبت أن النجاح، وهو في الغالب يرمز إلى الجدية، ليس أهم شئ في الحياة بل هناك جانب آخر لايقل عنه أهمية ألا وهو جانب الترويح والترفيه والذي ترمز إليه كلمة الآيسكريم والتوازن بينهما معادلة إنسانية حساسة..تحمست حبتين للموضوع وطلبت من ابني معن ترجمة فكرة تخيلتها لشكل غلاف كتاب المذكرات إلى تصميم واضح المعالم وأعجبتني.. وهكذا أصبح "آيسكريم النجاح " العنوان المبدئي لكتاب مذكراتي، بجدها وهزلها ونجاحاتها المتواضعة وإخفاقاتها المتعددة، هو والذي لايزال حتى الآن "قيد الإنشاء".