اليوم وقعت عرض وظيفي جديد بعد ثلاثة أشهر من العطالة بعد استقالتي من وظيفتي السابقة التي خرجت منها بكم كبير من التجارب ، سلبيتها هي أجمل ما حصل لي فيها لأنها أضافت لي الكثير من المعارف والخبرات على المستوى المهني والشخصي .

كان تصرفاً مجنوناً بأن أرمي الأمان الوظيفي خلف ظهري وأقبل على المجهول وهذا ما أرجو أن لا أفعله مرة آخرى .

كان العمل السابق ملجأ ومهرب منذ اليوم الأول أحاول الإحتماء داخله أطول فترة ممكن في سبيل أن أحصل على النجاح والرضى ، ففي عصر الرأسمالية توجد رسالة متضمنة مع كل منتج يقدم لك بأن قيمتك في قدرتك على الإنجاز والنجاح والإنخراط في هذه الآلة الضخمة لتكون ترساً فيها تؤدي فيها وتفرغ كل طاقتك .

وعندما تنجح وتشعر بالرضى تفكر أن تخوض تحدي آخر لتثبت لنفسك بأن نجاحك ليس وليد صدفة وتمضي في هذه الدوامة حتى تركلك في ارذل العمر .

إنها العبودية الجديدة في شكلها الجميل بملابس أنيقة وحلم وطريق طويل تركض فيه لاهث وما أن ترفض أي سياسة فيها ستركل إلى الخارج وينزع منك حتى شعورك بأنك إنسان .

لقد حنيت رأسي لهذه الآلة  وبدأت استمتع  بهديرها طواعية ، حتى تساعدني على تجاهل  الأصوات السيئة التي تسكن رأسي وتلعني ، وفعلاً كان ما لي .

كنت ترساً صلباً يحمل كل ما تود أن تفعله المكينة التي أعمل بها لكن يعلق بي الكثير من الغضب ويتراكم ، تناقض عجيب في التصدي لكل مهمات الوظيفة والإمتعاض منها بنفس الوقت .

ثلاث أشهر قضيتها في زيارات المقاهي كملجأ مؤقت وأملأها بقراءة كتب أو مشاهدة دورات والبحث عن قليل من الإنجاز لحقن روحي بإنجازات صغيرة تسكت إدماني .


شكراً  لموظفي المقاهي وشكراً للجو الحميمي الذي اخلقه مع روادها في شكل نظرات متبادلة أو ابتسامات على  الأبواب تجعل المكان ألطف ، ونبدأ رحلة جديدة .