يبدو أنّ العقوبات الإقتصاديّة القاسية التي مُنيت بها إيران في الآونة الأخيرة والتي فرضت عليها بهدف تغيير أجندتها السياسيّة والعسكريّة تفعل فعلها.فبعد منع تصدير النفط الإيراني، وما جاء في خطاب روحاني الذي أعقب هذا المنع بأنّه "إذا ما جرى منع صادرات النفط الإيرانيّة، فإن طهران لن تسمح بتصدير أي نفط عبر المياه الخليجية، وأضاف بأنّه إذا أرادوا أن يمنعوا تصدير النفط الإيراني، فليفعلوا ذلك وليروا ماذا ستكون النتائج". في هذا السياق، تعرّضت الشهر الماضي أربع سفن؛ ناقلتا نفط سعوديتان وناقلة نرويجيّة وسفينة إماراتيّة لأضرار في عمليات تخريبيّة قبالة إمارة الفجيرة، ممّا أدّى إلى زيادة فوريّة في سعر النّفط وتوجيه أصابع الإتهام مباشرة ضد طهران.رغم ذلك، لا يزال التصاعد الإيراني مستمرّا في محاولات الضغط و قد تُرجم عمليا باستهداف ناقلتي النفط الخميس الماضي في خليج عمان، حيث أشارت رويترز "أنّ السفينتان كانتا تبعدان ١٤ ميلا بحريا فقط عن إيران" الأمر الذي ساهم مجدّدا في التلاعب بأسعار النّفط والإقتصاد العالمي، خاصّة وأنّ ٤٠% من صادرات النفط في العالم تمر عبر مضيق هرمز والذي بدورها كانت قد هدّدت طهران بإقفاله وفقا لما أوردته وكالة فارس الإيرانيّة ولما جاء على لسان قائد القوة البحريّة التابعة للحرس الثوري الإيراني الأدميرال علي رضا تنكسيري.

في ظل هذا التصعيد الإيراني المتزايد، لابد من التساؤل حول الموقف الأميركي والأوروبي لما قد تؤول إليه الأمور :

أدانت الإدارة الأميركيّة و الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش الهجوم على ناقلتي النّفط، وكرّر مجدّدا دعوته إيران ضرورة وقف أعمالها التي وصفها بالتخريبيّة.من جهته قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشبكة فوكس نيوز الإخباريّة "إيران فعلتها، وأنّ الولايات المتحدة كانت صارمة للغاية في العقوبات، مضيفا أنّ الإيرانيين أبلغوا بلغة قويّة أننا نريد عودتهم لمائدة التفاوض".

من جهتها، عبّرت بريطانيا وألمانيا وفرنسا عن القلق الشديد إزاء التقارير عن الإنفجارات والحرائق في سفن ومضيف هرمز، ودعت وزيرة خارجية الإتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إلى إبداء "أقصى درجات ضبط النّفس".

الموقف الروسي: أمّا في موسكو، فقد دفع نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف باتجاه الدّفاع عن إيران قائلا " يجب تقييم العواقب السياسيّة وغيرها...محذّرا من هز السوق النفطيّة في حال المزايدة وإثارة الموقف ضدّ إيران مستقبلا."

نرى إذا أنّه حتّى الآن، لم يتعدّ الموقف الأميركي والمجتمع الدّولي حدود الإستنكار والتنديد، فهل سيُكتفى بذلك أم أنّنا قد نشهد زيادة في العقوبات الإقتصادية والماليّة؟

وهل من المحتمل أن نشهد ضربة عسكرية من البواخر الأميركيّة، تحديدا الأسطول الخامس في سيناريو قد يكرّر ما حصل في العام ١٩٨٧ لدى مواجهة إيران لناقلات النفط الكويتيّة؟

وماذا عن الصورة الإقليمية، خاصة في السعودية والإمارات في حال استمرّت إيران في سياساتها التصعيديّة، مع كل ما يترافق مع ذلك من تأثير على الأمن والإقتصاد القومي؟

سينتيا الفليطي