الآن أُقرّ بل أعترف بأنني لم أتجاوز الرحيل بعد ،، لم تسقط مني الذكريات ،، لم تُسعِفُني فكرة النسيان .. ما زلتُ أراها في مطلع قصيدة ، في صندوق الرسائل ، في تلك الشوارع التي عبرناها سويّاً .. ما زلتُ أسمعُ صداها في كلمات أغنية عزمنا غناءها مراراً ، أراها في وجوه العابرين ، في تشابه الأسماء ، الصوت .. تمتدُّ كشريط لا نهاية له أمام ذاكرتي السفيهة .. تعجُّ تلك الذاكرة الحمقاء بذكريات لم تعد تحملُ أدنى أهمّية أو أثراً للوجود .. تتكاثرُ بلذّة مريرةُ المذاق ، تتجاوز المرارة أميّال الأميّال ، ألعقُها بصعوبة ، يتشابه مذاقُها طعمُ الجيفة الميّتة منذ فترة بعيدة .. تفوح رائحتها بين الأرجاء ،، أهيَّ رائحةُ الموت أم رائحة الفُقدان ..