عندما كنت في الصف الخامس الإبتدائي اتذكر جيداً عندما لحقت من كنت أود أن أوطد علاقة الصداقة به وقد جهزت حديثاً رغبت أن افتتح به حديثي معه .
قلت له هل لديك أخوة ذكور ؟ وكنت انتظر اجابة بـ لا . لأني اعرف ذلك ، فقال لي : لا .
فقلت له : إذن أنا أخوك .
أنه موقف مبالغ في شاعريته من ناحيتي وأكبر من عمري في كثافته الإنسانية ومعانيه لطفل في الحادية عشر من عمره وفيه من السذاجة . وكل ما تذكرت من ذلك الموقف أضحك على نفسي !
كنت ذلك الطفل الصغير المليئ بالمشاعر الإنسانية التي تكبر عمره ويود أن يخوضها ، يريد أن يعيش معاني الصداقة ويتناول مع صديقه حديث ذا معنى كل يوم .
رد علي صديقي بكل برود " طيب " ، فماذا تنتظر من طفل تقول له ذلك ، ومنذ متى كانت العلاقات الإنسانية تبدأ وكأنها قاطع كهربائي لآلة .
أورد هذه القصة ولا أعرف ماذا أقول بعدها لكن لازلت مؤمن بأهمية العلاقات الإنسانية الجيدة ، علاقات أسرية وأصدقاء وحب ، لكن الرغبة وحدها أضيفت لها متطلبات جديدة وشروط لنشوء هذه العلاقة والتي كنت لا أعرف وصفها في كلمات ، لكن أجدني أنجذب لأشخاص وأبتعد عن آخرين بدون أن أعرف ما هي مقومات هذا الشعور أو اسبابه ، وما زاد الصعوبة أن من هم أميل لشخصياتهم قلة.
حتى ظهر لي نور ما في رواية شقة الحرية لغازي القصيبي رحمه الله شعرت حينها بأن المتحدث في الرواية وكأنه يلامس شئ ما داخلي وكأن بيننا شبه .
فقد وجد فؤاد في عبدالرؤوف قاسم مشترك " وجود عوامل نفسية مشتركة. هناك الرغبة في تحليل كل شئ، أو فلسفته كما يقول عبدالرؤوف، وعدم أخذ الحياة ببساطة ..."
واشعر أني أشترك معهم في ذلك، ولا أريد أن أقول أن هذه الصفات المشتركة بيننا جيدة أو إيجابية . فقد تكون باب أفتحه كل يوم على بؤس الحياة وأطل منه ما يجعلني أتأثر مما أرى وأشاهد وأصاب بقبس منه .