هممت بمغادرة سريري ولكني تراجعت لأن ذلك يعني بأني استعدت صحتي بشكل كافي لاستئناف العمل على قائمة أعمالي المعطلة منذ أكثر من 6 أيام .
سأكتب من السرير إذن هذه المرة ..

الذاكرة البشرية يتطلب الأمر أحيانا أن تتعلم من الذاكرة الإلكترونية مهارة الـ Rewrite  أو قابلية الكتابة على أجزاء مكتوب فيها .. لو كان الأمر بهذه السهولة لانتقيت أي ذكرى مزعجة واستحدثت ذكرى جديدة لأكتبها على الأولى حدث بحدث .. انفعال بانفعال .. شعور بشعور .. حتى يصبح هذا الحيز من الذاكرة بالذات مقبولا أو محببا إلى نفسي بعد أن كان الأبغض إليها ..


على فرض أن ذاكرتي قابلة لإعادة الكتابة
Rewrite  .. سأختار الكتابة على هذا الحيز الذي يحتوي تجربة مضى عليها قرابة خمس سنوات أو تزيد .. حينها كلما سمعت رنين هاتفي انقبض قلبي .. الرنين يعني بأن شخصا بعينه كان يتصل بي لنتحدث في موضوع ثقيل على نفسي, هذا الحديث لا يتوقف بإنهاء المكالمة بل يترتب عليه أداء مهام أثقل منها على نفسي بكثير .. في تلك الفترة كان علي حرفياً عمل ما أكره حتى أجتاز المرحلة بأي شكل.. بأي نتيجة ..

لماذا هذا الحيز من الذاكرة بالذات أريد الكتابة عليه ؟ و كيف سأنفذ تجربة (إعادة الكتابة) ؟

لماذا هو بالذات ؟ ..

كنت قبل يوم في ظروف غير ملاءمة البتة لاستقبال أي مكالمة هاتفية ولكني تلقيت مكالمة ما بشكل سريع وأنهيتها بذات السرعة .. سألتني أختي وهي غاضبة, لماذا لم أغلق هاتفي أو أتجاهل المكالمة ؟ بررت لها ولنفسي كثيرا .. لكني الآن .. لست بحاجة للتبرير لأني أدرك تماماً بأن ذلك الحيز من الذاكرة كان السبب .. الهاتف الجديد, نغمة الرنين التي لم تعتد عليها أذني بعد, مستوى الرنين العالي الذي تطلبته الظروف حينها, الشمس التي لم تمكني حتى من معرفة هوية المتصل ومدى أهمية اتصاله, كل ذلك وأكثر بريء .. المذنب الوحيد هو ذلك الحيز من الذاكرة ..

كيف سأنفذ تجربة (إعادة الكتابة) ؟..

سأطلب من شخص ما أن يتصل بي بشكل عشوائي شبه يومي, مرة أو أكثر من مرة في اليوم الواحد.. ومع كل اتصال يردني منه سأنصت إلى نغمة الرنين طويلا .. سأرد في النهاية و نتحدث في أي شيء غير مهم .. سأفعل ذلك في كل مرة .. سأنهي التجربة حين أصل إلى:  حالة أستمع فيها إلى رنين هاتفي وأتمكن من تجاهله أيا كان مستوى ارتفاع نغمة الرنين .. حالة يموت فيها ذلك الحافز الملح للرد, تحديداً الحافز الملح للرد خوفاً من أن عدم الكلام سيضاعف عمر ومشقة المشكلة/الموقف/المرحلة أيا كانت .. حالة أتلقى فيها أي  اتصال دون الشعور بأني ملزمة بتلقيه أيا كان .. أتلقى فيها أي اتصال وكلي يقين بأنه اتصال عادي جداً لا يترتب عليه أي شيء .. اتصال سينتهي فعلياً في اللحظة التي أختار فيها إنهاء المكالمة !