تعليقاً علي الاحداث الجاريه في سيناء اكتب لكم مقالي هذا بعنوان :

( قراءه في عقل ارهابي )

بقلم د.احمدالسيد

الإرهابي لايردعه القتل فهو يريد أن يموت ظناً منه أن ذلك سيجعله شهيداً وسيضمن له الجنة الموعودة، فهو لا ينتظر (كما يرى) إلا إحدى الحسنيين "إما النصر وإما الشهادة"، فإن انتصر في الدنيا فسيقيم "دولة الشريعة" التي ينشدها وإن مات فهو في "عليين"، أما إذا وقع كأسير في يد "أعدائه" فسيجد دعاة حقوق الإنسان يستميتون دفاعا عنه وعن حقه في معاملة كريمة.فباختصار شديد لا يوجد أي ردع فكري "تقليدي" للإرهابي لكي يردعه عن الضلوع في عمليات إرهابية أخرى وهذا لن يمنعني من اصطحابكم في رحله فكريه قصيره حول بعض الحقائق حول الارهاب ثم اسباب الارهاب وصولاً الي وضع حلول مقترحه من جانبنا لعلاج هذه الظاهره ،،،بعض الحقائق التي ستساعدك على فهم ظاهرةالارهاب :

أولا: أن الإرهاب ظاهرة عالمية لا دين له، ولا وطن وقد تتغير أشكاله وأساليبه بتغير الزمان والمكان، ولكنه يظل دائماً مرتبطاً بالإنسان أياً من كان، وأياً ما كانت عقيدته أو ملته أو مذهبه الفكري، ومن الخطأ نسبته إلى دين دون آخر.

ثانيا: عدم تحديد مفهوم وحقيقة الإرهاب وأسبابه، يفسح المجال لتوسيع دائرة الاتهام، لكل من يخالف السلطات أو الحكومات والأنظمة، التي لا تحقق العدل والحرية لشعوبها، لتحقيق أغراضها في ظلم الشعوب وقهرها.

ثالثا: مما يزيد الإرهاب استشراء، ويُعمق الخلاف في فهمه، الخلط بين الإرهاب والمقاومة، فكفاح الشعوب من أجل تحرير نفسها من السيطرة أو التدخل الأجنبي عمل مشروع، لا يمكن وصفه بالإرهاب.

رابعا: اتهام المسلمين دوماً بأنهم صانعوا الإرهاب، يكرس مفهوماً خاطئاً عن الدين الإسلامي، ويدفع بعض الأفراد والجماعات لتبني أعمال العنف، لشعورهم بالظلم والاضطهاد، بالرغم من ممارسة بعض أصحاب الديانات الأخرى للعديد من الأعمال الإرهابية.

خامسا: استعمال البعض لكلمة “الإرهاب” أصبح الآن عشوائياً ويتم دون أي تمحيص أو تقدير لعواقبه, فكل من يخالف قد يُتهم بالإرهاب، مما يدفع إلى الإدانة الذاتية دون وعي أو تقدير لتبعات تلك الإدانة من تجريم وابتزاز.

سادسا: على الأرجح لن يستطيع التحالف الدولي الذي شكلته وتقوده الولايات المتحدة الأميركية للقضاء على ظاهرة الإرهاب، لأن المعالجات خاطئة، ولا يتم التعامل مع جذور المشكلة، ومن ثمَ سيؤدي ذلك إلى المساهمة في تفتيت المنطقة العربية، واستنزاف قدراتها وإمكانياتها تحت بحجة “محاربة الإرهاب”.

سابعا: لإيجاد حل لمواجهة ظاهرة الإرهاب، لابد من البحث عن الجذور التي ينمو فيها ويترعرع، من ذلك: القهر والاضطهاد والاستبداد، والقمع، واحتلال الدول واضطهاد شعوبها. كل هذا لن يولِّد إلا الغضب والكراهية، ويؤسس لبيئة حاضنة للإرهاب يصعُب التعامل معها.

أسباب الإرهاب يمكن تلخيص الأسباب التي تؤدي إلى هذه السلوكيات الخطره ضد المجتمعات في

:1- الجهل بين الأفراد والجماعات وحتى قيادة الدولة التي تمارس إرهاب الدولة كما في دولة ميانمار.

2-الفقر والبطالة التي يعاني منها الناسفي بعض الدول.

3- الظلم والعدوان، واستعمال القسوة ضد البشر وخصوصا في الأنظمة التي تصادر حقوق الإنسان الأساسية كما في دولة الصين.

4- حق الشعوب في تقرير المصير الذي يواجه دائما بالرفض.

5- عجز مجلس الأمن الدولي عن اتخاذ موقف قانوني جاد إزاء ما يحدث من انتهاكات لبعض الفئات على مستوى العالم، مما يبرز استخدام هذه الفئات للعنف للدفاع ,عن وجودها إزاء حملات الإبادة التي تتعرض لها.

6- الصراعات العرقية في مختلف المناطق والتي تأخذ الطابع المسلح ضد مصالح بعض العرقيات, أي استخدام الإرهاب كبديل عن الحرب التقليدية بوصفه أسرع تأثيرا وأقل تكلفة للحصول على مكاسب وامتيازات سياسية على المستوى الدولي.

وهذا ما يوصلنا في النهايه الي الحلول المقترحه من جانبنا لمواجهة ظاهرة الارهاب وهي :

1. تفعيل الخطاب الديني، وذلك عن طريق تصدي المؤسسات الدينية للمفاهيم التي تروج في المجتمع خاصةً بين الشباب، وفي مقدمتها التفسيرات المشوهة لمفهوم الجهاد والردة ووضع المرأة، مع فتح أبواب الاجتهاد والمعرفة الأصيلة بمقاصد الشريعة والاعتراف بالمنظور التاريخي للتشريع وتطويره للتلاؤم مع مقتضيات العصر.

2. الجانب الثقافي، وذلك من خلال مراجعة القوانين واللوائح والممارسات الإدارية على النحو الذي يعزز الانطلاق الحر للفكر والإبداع في المجتمع، ويزيل العقبات التي تحول دون حرية الرأي.

3. التوسع في إصدار الكتب والمؤلفات التي تدعم العقلانية والاستنارة، وتنشر الفكر النهضوي.

4. تشجيع الأعمال الفنية الراقية التي تهدف إلى النهوض بثقافة النشء وتنمية المواهب وصقلها في المؤسسات التعليمية والثقافية بشكل منهجي منظم وتيسير الوصول إلى المنتج الثقافي من خلال التوسع في إنشاء المكتبات والمراكز الثقافية والأندية الأدبية، وكذلك مراكز الفنون التعبيرية والتشكيلية والموسيقية، والاستفادة من النشر الإلكتروني.

5. فتح مواقع تواصل الاجتماعي حكوميه موجهه للشباب لمحاصرة التطرف، وثقافة العنف.

6. ضرورة توحيد نظم التعليم، ومنع الازدواجية بين تعليم مدني وآخر ديني أو أجنبي، وتحديث النظم التعليمية لتعزيز قيم التعددية والتعايش الإنساني، مع التأكيد على أهمية “التربية المدنية” في برامج التعليم، خاصة قبل الجامعي، ووضع برامج لتطوير القدرات الإبداعية في التعليم مثل: الموسيقى والتصوير والشعر والمسرح والأدب وغيرها، لبناء جيلٍ مبدع يسهم في تعزيز البناء الثقافي للمجتمع، ووضع برامج لتطوير المكتبات المدرسية، وتنقية برامج التعليم الديني من الأفكار التي تشجع التطرف، والعنف، أو تستند إلى فهم خاطئ للنصوص الدينية، وذلك لمحاربة انتشار التطرف عن طريق التعليم.

7. حث المؤسسات الإعلامية على الالتزام بالمواثيق المهنية والأخلاقية، والتي تتضمن الابتعاد عن الخطابات المتعصبة.

8.إطلاق مبادرة عربية لمراجعة المعايير المهنية والأخلاقية وسنّ التشريعات التي تجرّم نشر المواد الإعلامية التي تبث الكراهية وتحرِّض على العنف، وتدشين برامج إعلامية مشتركة بين وسائل الإعلام العربي تفند فكر التطرف، وتهتم بقضايا العلم والتنوير.والله ولي التوفيق

د.احمدالبدراوي