هل السعادة تطرق بابك؟

كل شخص فينا يبحث عن السعادة في مكانٍ ما .. و السعادة لا يمكن أن تحددها أو  تحصرها على شيء معين، فربما أنت ترى السعادة في المال وغيرك يراها بالحب! وربما أنت سعادتك في أن تحصل على وظيفة مرموقة براتب مجزي وساعات عمل قليلة وبيئة عمل مريحة.. ولكن غيرك ينام ويحتضن أسرة المستشفيات ولا يرى السعادة إلا في استعادة صحته وعافيته!

ولكن من منظور شخصي أرى أن السعادة تجدها كلما اقتربت الى الله بنيتك الصادقة وحُسن خلقك وتعاملك مع الناس قبل اعمالك، كل ابتسامة ترسمها في وجه غيرك هي دين ستُرد اليك بشيء أكبر من ابتسامتك، وكل خدمة تسديها لغيرك بحسن نية دون أي مصلحة  أو غاية في نفسك، لامحالة ستُرد إليك وفي وقتها الذي تحتاجه انت.. ف على سبيل المثال في فترة من الفترات كنت أعمل على أحد وظائف الموارد البشرية في إحدى الشركات.. وكنت أقوم بإجراء مقابلات شخصية مع المتقدمين للوظائف، وفي أحدا المرات قمت بمقابلة شخص مهذب جداً، ذو مظهر لائق، وكان لدية شهادة جامعية  متوسطة في تخصص الحاسب الآلي من إحدى المدن البعيدة عن مدينتنا، ولسوء الحظ أن الوظائف المتوفرة تخص الذين لا يملكون شهادات جامعية، وكان المسمى الوظيفي (مشرف دور) يقوم بتأكد من نظافة أدوار الفندق (في حقيقة الأمر غير لائقة لشخص متعلم ودارس ابداً) قمت بطرح السؤال التالي عليه:-

  • هل تستطيع أن تعمل بهذه الوظيفة بالرغم من أنها لا تناسب مؤهلاتك وغير لائقة لشخص تغرب عن أهله ومدينته لمدة سنيتن ونصف وعاد لكي يعمل مشرف أدوار؟

وكان رده كالرصاصة في جوف صدري، وشعرت لوهلة أن المكان الذي انا فيه يتمناه الكثير وأن الحياة ظالمة بطبعها وأن الكسب لا يأتي على قدر التعب.

رد علي قائلاً :-

  • أن على استعداد ان أكون عامل نظافة ليس مشرف فقط! فأنا بحاجة ماسة للمال.

وكان هناك أكثر من متقدم على هذه الوظيفة من ذوي التعليم المحدود (متوسط وثانوي) ف سعيت جاهداً أن يكون هذا الشخص هو الأجدر بالوظيفة، وفي حقيقة الامر لم يكن القرار عائداً لي بل أنا ادلو بدلوي إلى المدير وأرشح ، والمدير هو من يقرر من يشغل هذه الوظيفة، قمت برفع تقييمه وتحدثت إلى مالك الفندق شخصياً أن هذا الشخص اجدر ومناسب جداً للوظيفة فكان رد المالك لي : أتصل عليه ليقوم بمباشرة عمله غداً.

كان رد المالك كالماء البارد على صدري وكأنه يقول (أطفي نار صدرك المشتعلة من رد هذا المتقدم للوظيفة).

ذهبت مسرعاً إلى الهاتف لأتصل به وأبشره بقبوله النهائي وكنت اتلهف إلى ردة فعلة بعد قبوله براتب مجزي نوعاً ما لشخص محتاج المال.

أتصلت وردت علي والدته وقالت لي ( الله يرزقك من حيث لا تحتسب..)  وأكملت بالدعاء لي والثناء علي بالرغم أنني لم أفعل شي سوا أني أردت الخير لأبناها المكافح الذي يريد لقمة العيش مهما كان طريقها صعب ومر!

دارت الأيام ومرت سنة تقريباً وقدمت استقالاتي بعد قبولي بجامعة خارج مدينتي طالباً للعلم وراغباً أن اطور من نفسي أكثر وأكثر.. وأنا في منتصف الفصل الدراسي الأول كنت أبحث عن عمل بسيط جزئي براتب ميسور لكي أغطي مصاريفي ومصاريف الجامعة فجميعاً يعلم أن مكافأة الجامعة لاتسمن ولا تغني من جوع في وقتنا الحاضر (الحمد لله على كل حال).

نأتي هنا إلى بيت القصيد ومربط الفرس، بعد فضل الله علي وحمده وتيسيره .. أتصل علي أحد أقاربي لهُ معارف في وزارة ما، وكانت المحادثة على هذا النحو:

  • سلام عليكم ، عمت مساءاً يا ابن خالتي .. سمعت أنك تبحث عن عمل، متى تبدأ وتنتهي محاضراتك؟
  • -وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. أهلا يا ابن خالتي إن محاضراتي تبدأ الرابعة عصراً وتنتهي في تمام العاشرة مساءاً!

- جميل جداً .. غداً الساعة العاشرة صباحا ستذهب لمقابلة احد معارفي في الوزارة لديه شاغر وظيفي ودوامها يبدأ من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الثانية ظهراً ..ونسأل الله التيسر.

ذهبت في اليوم التالي وقُبلت بكل تيسير دون أدنى مجهود مني بفضل الله وتيسيره، عندما بُشرت بقبولي تذكرت دعوة والدة ذاك الرجل بدعائها لي وتذكرت موقفي مع أبنها وسعيي  له، لذلك دائماً أقول أن الخير لا يرد فقط كما كان! بل أضعاف ما عملته، فأنا سعيت له بوظيفة مشرف أدوار في شركة صغيرة وراتب ضئيل جداً مقارنتاً براتبي ومركزي، فأراد الله أن يعوضني بوظيفة حكومية براتب ممتاز جداً بالنسبة لمغترب وطالب، فلله الحمد على كل حال.

عزيزي القارئ دائماً بادر بالخير ومساعدة الناس فهناك من سيساعدك ويخدمك في وقت آخر!

كن للناس عوناً وسيكون الله دائماً عونا لك .. فسبحانه ما أكرمه!


                                                                                                                   نايف

                                                                                                            1440/10/07 هـ