الشهادة ورقة، والعلم ثقافة !
يجيب علينا ان نفهم ماهية الامر اولاً .. الشهادة في زمننا هذا مهمة جداً وهي أشبه بسيفك في المعركة!
فلن تجد وظيفة مناسبة براتب مجزي دون شهادة جامعية كحد أدنى، ولكن العلم بالنسبة لي اهم من الشهادة ، فكثير ممن تُخرج الجامعات لا يفقه في تخصصه مقدار ذرة.. واكاد ان اجزم انه وصل في ذهنك عزيزي القارئ الشخص صاحب هذه المواصفات ممن تعرفه جيداً !
هل تعلم ماهية مشكلة اغلب طلبة الجامعات؟ وربما لا ألقي اللوم عليهم فقط فهناك من يشترك معهم في هذه المصيبة العظيمة وهم بعض أساتذة الجامعات والمسؤولين عن تخطيط وتطوير المناهج الدراسية والجامعية!
دعونا نتفرع قليلاً .. اعتقد من وجهة نظري ان الخطأ يعود على التأسيس الأولي في الجامعات لدى أغلب الأساتذة والدكاترة اللذين يعاملون الطلبة على إجبارهم في التعلم وترهيبهم من كثافة المنهج وأنه يجب على الطالب ان يحفظ كل حرف مما ينص عليه المنهج وأن الأسئلة موحدة. وهذا خطأ فادح في التعليم، فكيف تريد من الطالب أن يحب العلم ويتعلم برغبة وأن ترسخ في ذهنه كل كلمة في المنهج وهو مجبر على الحفظ لغرض الدرجات والنجاح لا للتعلم وتغذية العقل!
ومن باب ذكر الشي بشيء .. يقول الدكتور الراحل رحمة الله عليه غازي القصيبي في كتابه "حياة في الإدارة" حينما كان أستاذ معيد في الجامعة:-
" لا يمكن للمادة أن تكون مفيدة ما لم تكن مشوقة، ولا يمكن أن تكون مشوقة ما لم تكن مبسطة، ولا يمكن أن تكون مفيدة ومشوقة ومبسّطة ما لـم يبذل المدرس اضعاف الجهد الذي يبذله الطالب."
ويجب أن تكون هذه الكلمات قاعدة أساسية في التعليم، وفي نفوس الأساتذة والدكاترة قبل التعليم!
وطالما نحن في سيرة الدكتور غازي فهو يقول للطلبة في محاضرته الأولى :-
" إن رسوب أي منهم يعني فشلي في تدريس المادة قبل أن يعني فشله في استيعابها"
لو كان هذا المبدئ لدى ربع دكاترة الجامعات لمى بقي شاب لم يحصل على درجة البكالوريوس والماجستير كحد ادنى!
بطبيعة الحال المعلم ليس عائق صعب امام طموحك وهدفك العلمي، ولكنه عقبة كبيرة وبالإمكان تجاوزها.. سأدلو لك ببعض النصائح التي أستعنت بها في حياتي الدراسية للتغلب على هذه المعضله.
- بعد تجاوزك لمدة طويله في الحضور مع الأستاذ ولم تستطع الفهم استسلم له وباغت المنهج بالتعلم الذاتي.. هناك مواقع كثيرة على شبكة الإنترنت تشرح لك الدروس سواء بالعربي او الإنجليزي ناهيك عن بحر المعلومات المرئية (اليوتيوب)
- تأكد يا عزيزي ان مدارك الفهم لديك تختلف عن مدارك فهم زميلك .. وهذا لا يعني أنه أذكى منك لا ! ربما صديقك يفهم على الأستاذ أو له طريقته بالفهم.. خلاصة الفكرة أن تكون بجانبه دائما و تستشيره في المسائل التي لم تستطع فهمها.
- كن دائماً واثقاً من نفسك ومن قدرتك ولا تجعل وهم عدم الفهم مع الأستاذ يحبطك ويشعرك بأنك المسؤول عن هذه المعضلة، الحرب خدعه يا عزيزي .. ولا بأس من بعض الحيل الحميدة!
هناك نظرية كنت أتبعها دائما وهي خاطئة تماماً و اكتشفت مؤخراً مدى حماقتي في ذاك الوقت!
كنت في كل محاضرة للرياضيات أقول " اللهم أني أعوذ بك من علم لا ينفع " لما كنت أمر به من صعوبة فهم هذه المادة (العبيطة) ولكن بعد معرفتي لها وتمكني من فهمها اكتشفت انها تنشط المخ وبعد فهمي للمسائل وجدت نفسي أسرع في فهم المسائل القادمة ولا أرى المسائل الأولى لتفاهتها و استغرب من نفسي كيف كنت لا أفهمها !
الرياضيات مادة تساعد مخك على فهم الأمور المعقد، وبإمكانك لكي تتقبلها أن تشعر أن هذه المسائل مجرد تمارين رياضية لعضلة المخ لكي تتوسع مداركك في فهم المشاكل وحل الأزمات مستقبلاً في عملك وحياتك الشخصية.
ختاماً .. الحياه مليئة بالمصاعب والعقبات، لا تجعل من عدم فهمك لمادة معينة عذر لتكره الجامعة وتكره العلم وتستسلم للجهل وتخسر 4 سنوات من عمرك بملل وتعب وزهق وتذهب للجامعة – أعزكم الله- "كالحمار يحمل اسفاره" لكي تحصل على وثيقة التخرج دون أن تغذي عقلك بالعلم وتخصصك وتتوسع في مجالك وترتجل بجلب المعلومات والإبحار في عالم تخصصك الذي تحبه!