وسط أجواء مشحونة، تعاني منها منطقة الشرق الأوسط، لاسيما منطقة الخليج الغنية بالنفط، وتزايد حدة الصراع بين الأقطاب الدولية للتحكم بهذه المنطقة.. وسط كل هذه الأجواء العاصفة، كان العرب وكعادتهم متأثرين لا مؤثرين، ولإيجاد دور لهم حتى وإن كان صوريا، عقدت ثلاث قمم في آن واحد!

   الدول العربية في حالة يرثى لها، وغير قادرة على التأثير في مجريات الأحداث التي تجري في المنطقة، بسبب موجات الإرهاب المدعومة من بعض الدول العربية ذاتها التي تدعو الى محاربته! والأزمات التي تعصف بأهم دولها جاعلة منها ساحة للصراعات والأجندات الدولية، فمصر قلب العرب وصاحبة التأثير الأكبر، قد إنسحبت من هذا الدور، بفعل إنشغالها بوضعها الإقتصادي، وبلاد المغرب العربي تعصف بها الأزمات الداخلية والصراعات السياسية، ودول الخليج تتصارع فيما بينها، وسوريا ما زالت تعيش حربا طاحنة، واليمن السعيد لم يعد سعيدا، والسودان لم يقر له قرار بعد، وما زال العراق يحاول الوقوف على قدميه وسط العاصفة.

    غاية هذه القمة  الطارئة كانت واضحة، وهو حشد التأييد العربي ضد دولة مجاورة هي جمهورية إيران الإسلامية، والوقوف مع الإجراءات الامريكية بمحاصرة الشعب الايراني، تحت ذرائع وحجج واهية يتلعثم من ينطق بها.

    دعاوى الإرهاب وتهديد السلم الإقليمي في المنطقة، وغيرها من الإتهامات لا يصدقها بعض من يجلس على طاولة القمة، ومحاولة الخروج بسيناريو متفق عليه سلفا لتحشيد الرأي العام ضد إيران، كانت تنطق به عيون المنظمين للقمة قبل ألسنتهم، والبحث عن كبش فداء لهذه المحرقة، رغبة تراود بعض الحاضرين ومن خلفهم الولايات المتحدة الأمريكية.

    بلسان عربي فصيح تحدث رئيس جمهورية العراق الكردي، وأعلم المجتمعين أنهم سيكونون أول المتضررين فيما اذا إندلعت حرب في المنطقة، مؤكدا إن أمن دول المنطقة هو أمن للعراق، ولن يرضى العراق بأي إعتداء على الدول العربية وتهديد أمنها، لكنه عاد في الوقت نفسه وذكر القادة العرب بعلاقة العراق مع ايران والمصالح والحدود المشتركة التي تربط البلدين، وأن العراق لا يمكنه مشاركة الدول العربية فيما تريده للجارة إيران.

    ما صدر من الوفد العراقي في القمة العربية لا يمثل رأي برهم صالح أو رئاسة الجمهورية فقط .. بل إنه لا يمثل أي طرف من الأطراف السياسية العراقية، سواء الذي يسمى المقاوم أو الإتجاه الرافض للدخول في محاور الصراع.. ما قاله رئيس الجمهورية يمثل موقف الحكومة العراقية بكافة أطيافها السياسية، والرئيس برهم صالح كان خير ناطق عن الموقف العراقي.. وهو بالضبط يمثل سياسة النأي عن الدخول في المحاور.