فوضويّة الدّولة اللّيبيّة.. أعمّال العنف عصفت العاصمة
من الواضح أنّ ليبيّا وفّق التّطوّرات الأخيرة من العمليّات الهجوم والمقاومة والتّغيّرات السّياسيّة الدّوليّة الّتي طرأت على الفضّيّة اللّيبيّة لتصبّح طرابلس السّاحة المليئة بالصراعات المختلفة، وتعجز بعثة الأمم المتّحدة إلى ليبيا أن تستمرّ في تنفيذ باقيّ خارطة الطّريق الّتي وضعها السّيّد غسّان سلامة أمام الأمم المتّحدة.
لم يتمكّن مجلس الأمن الدّوليّ من أنّ يقف إطلاق النّار بين أبرز أطراف النّزاع، جيش وطنيّ ليبيّ تابع إلى حكومة الوفاق الوطنيّ وجيش وطنيّ ليبيّ ثاني تابع إلى القوّات المسلّحة العربيّة اللّيبيّة قادم من المنطق الشّرقيّة لتحرير طرابلس من الإرهاب والتّطرّف.
لقدّ اثأر المبعوث الأمميّ إلى ليبيا غسّان سلامة عبر تصريحاته الكثيرة أنّ أولويّات البعثة، معالجة القضايا الاقتصاديّة الّتي تشكّل أساسيّ الأزمة في ليبيا الّتي تسبّبت في تدهور الحياة اليوميّة للمواطنين في جميع أنحاء البلاد.
ولكنّ يجب علىّنا أنّ نفهم أنّ الأساس في استقرار وأمّن وسلامة ليبيا الرّجوع إلى الدّستوريّة الشّرعيّة لبلاد ومن إجراء الانتخابات التّشريعيّة والرّئاسيّة الّتي خالفت خارطة الطّريق في مراحلها الثّلاثة الّتي صمّمت من أجل الانتقال السّلّميّ من حالة الفوضى إلى حالة الاستقرار تمّ إلى الإصلاحات الاقتصاديّة الّتي تعمل على النّموّ الاقتصاديّ.
الغياب الكامل للإصلاحات السّياسيّة لا يعمل على تصدّي إلى السّلب والنّهب والجرائم الاقتصاديّة من غسيل الأموال وتبيّضها إلى خارج الوطن، بل هذه الفوضى السّياسيّة الّتي نعيّشها اليوم في ليبيا تزيد من تفاقم وتزايد الفساد المتواجد في ليبيا.
وبما أنّ السّيّد غسّان سلامة وضع العمل لإصلاحات الاقتصاديّة في ألوليّاته، وهي في حقيقيّة الأمر ليس بإصلاحات اقتصاديّة بل هي مجرّد مناورات اقتصاديّة تعمل على تخفيف الضّغوطات على المواطنين، وتجنّب في خوض الكثير من الإصلاحات السّياسيّة الّتي رسمها في بداية منصبة الأمميّ.
لذا فأنّ المسار السّياسيّ في ليبيا قد اخذ منعطف أخر حول التّسويات السّياسيّة بين طرفين النّزاع في رؤية متنافسة تعمل على استفراد الدّولة اللّيبيّة بالعمل المسلّح في واقع مؤلم يجعل من سكّان العاصمة في خوف من دخول الجنرال خليفة حفتر العاصمة اللّيبيّة.
تجنّب الفوضى عامل يعمل على تكوين الدّولة اللّيبيّة الدّستوريّة، قواعد ثابتة من أهم قواعدها القاعدة الرّاسخة الّتي فيها السّلّم الاجتماعيّ بين مكوّنات الغرب والشّرق والجنوب الّذي يقوّدنا إلى حالة الأمن والأمان والاستقرار الاجتماعيّ.
وعلى ما يبدو أنّ السّاحات اللّيبيّة مليئة بالبؤر المتوتّرة والمتداخلة على الصّعيدين السّياسيّ والعسكريّ، مؤشّرات لا تشير إلى استقرار الدّولة اللّيبيّة في المستقبل المنظور والّتي تدلّ على أنّ الصّراع المسلّح اقوي بكثير من الصّراع السّياسيّ.
هي في حقيقيّة الأمر اشتباكات بين المليشيات المسلّحة في طرابلس الّتي استمرّت أكثر من شهر على مشارف العاصمة اللّيبيّة طرابلس، رغم رخاوة وتباطؤ دور الأمم المتّحدة من اتّخاذ القرارات السّريعة نحو التّوجّه إلى تسوية الأمور بين أطراف النّزاع.
رغم انه كان من المرتقب على أنّ الأمم المتّحدة كانت جادّة وساعيّة من أنّ ليبيّا ستشهد من هذا العام إجراء انتخابات وفّقا لمّا اتّفقت عليه الأطراف السّياسيّة في مؤتمر الأخير باليرمو الّتي استضافته الجمهوريّة الايطالية في 12 و13 نوفمبر / تشرين الثاني.
في وسط الاضطرابات المسلّحة نفد الأمل من إجراؤها نهاية العام ولا حتّى نهاية العام المقبل من عام 2020، ممّا يستهجن الكثير منّا على مسار العمليّة السّياسيّة الّتي عمل من اجلها السّيّد غسّان سلامة ومن تقارب وجهات النّظر في الصّراع السّياسيّ.
ليبيا داخلة على أبواب الوصاية الدولية من تعدد الحروب فيها ومن النزعات السياسية المفروضة على ليبيا متسمة بعدم المسار السياسي الذي يحقق لها الأمن والأمان والسلام في منطقة النزعات حتى اخذ الصراع شكل من أشكال العمل المسلح.
ليبيا متسمة بمسار عسكري وليس بمسار سياسي جدي من منع وإيقاف حال الكباش العسكري الذي يطوق بالعاصمة الليبية متأثرة من ضغطات ومباحثات سياسية خارجية تعمل على عرقلتها في التحول السريع إلى الدول المدنية.
التدخل واستدراج القوى الإقليمية إلى الصراع العسكري الداخلي يعمل على مزيد من تنافس القوى الإقليمية والدولية في الشأن الليبي، صراعها على معارك ضد التقدم في المسار السياسي الليبي.
ليظهر علينا بشكل من إشكال جلي الصراع الحاصل في البنية الهشة للدولة الليبية والرخوة للنظام الإقليمي ليعمل
على زحزحت امن واستقرار الدولة الليبية وربطها بصراعات مباشرة مع ديناميكيات تداخليه في سياسية المصالح.
سياسات خارجية تقضي على إطالة أمد هذه الصراعات بين الشرق والغرب، بل تجعلها أكثر عمقا وأكثر توترا من جلب مصالحها في دولة اصحب المشهد دموي بين الحرب والمسار السياسي البائس عند تدفق السلاح إلى ليبيا.
والذي يجعل من خذلان المسار السياسي كان في ترامي مع إقرار الحرب عن السلام الشامل والكامل وتفعيل الكباشات الإقليمية ذات التأثيرات الظالمة في المجتمع الليبي والى عدم مد الأيادي التي تحسن السلام والانتقال السلمي.
هذا ما يبعث بالتساؤل عند دور الأمم المتحدة في عملية استعادة الأطراف عند خطوط واضحة وصريحة تعمل على إنهاء المعارك وتدفق السلاح نحو أطراف الصراع التي تنذر حوادث كوارثيه وفق لمشروع خارجي يعمل على تقسيم الدولة الليبية إلى دويلات صغيرة متناحرة.
ضمن هذه الوقائع، كانت ليبيا في الماضي نقطة الارتكاز في طبيعة المحاور السياسية والاقتصادية الاجتماعية، آم الصراعات التي تدور اليوم لا تجعل من ليبيا لها علاقات سياسية واقتصادية واجتماعية متينة بين دول العالم المتحضر.
بقلم / رمزي حليم مفراكس