بقلم: صالحة حسين مجرشي

كل منا يسعى جاهدًا ليصل إلى علم ينفعه وينفع به من يأتي بعده، نتنافس ونظهر طاقتنا وقدراتنا ونستدعي القوة أحيانًا للكفاح من أجل الوصول إلى ما نتمنى بلوغِه من العلم، نقرأ ونتفكر ونبحث ونتدبر، نقصد هذا وذاك ونتنقل من مكان إلى آخر ولربما نهاجر إلى بلدان لم نكن بالغيها إلا بشق الأنفس من أجل اكتساب العلم، معلمًا كان أو آخر يسعى من أجل سعيي ويهديني فكرًا ينير علمي.

إذًا وبعد ذلك تأخذك الحياة إلى بعض الذين تقصدهم علمًا أو معرفة فيحسبون أنهم علماء زمانهم وانشتاين عصرهم، أعطاهم الله بعض من العلم فتكبروا ونسوا أن درجاتهم العلمية التي حصلوا عليها وعلمهم المكتسب من هذه الحياة ما هو إلا بفضلٍ من الله حتى انغمسوا في التطبيل لأنفسهم بأنهم الأعلم، أصبحوا لا يرون أخطاءهم بل هم بظنِهم خُلِقوا من غير ما خُلِقنا منه حيث أنهم لا يخطئون، ولم يتذكروا أن كل ابن آدم خطاء.

تكبروا بعلمهم وبتلك الشهادات المركونة فوق الرفوف في زاوية النسيان، تكبروا على تلاميذ الحياة الساعين للعلم بشغف ونسوا كيف كانوا بالأمس يقعدون مقاعدهم بل من الممكن أقل شغفًا منهم، لم يعدوا يرون الصواب! بل للأخطاء هم صيادون يترقبون فريستهم ليتم الهجوم دون رحمة ولم يقتصر ذلك الهجوم على أن يكون مستورًا بينه وبين فريسته.

أمام الملأ عامة يخطىء فلان ويتهجم على آخر ليجعل منه محط سخرية ولفتًا للأنظار، يتحجج بالنقد البناء وما النقد منه إلا براء ويتعذر بصراحته المخزية المؤذية التي ربما بذلك قد يصد بها من أتى ساعيًا متعنيًا يطلب العلم والمعروف ظانًا به الظن المعروف بالمحاضر والمعلم المحسن المدرب اللين.

وما أُتيت من العلم إلا قليلًا، فاشكر ربك على ما أعطاك وإلى ما وصلت إليه من درجات علمية دنيوية ونشر علمك النافع وإفادة غيرك، لا ينزغنك الشيطان فتتكبر على من أعطاك علم ولا تتكبر على من جاءك يسعى يطلبه منك ينتفع به وينفع من بعده، فلا يدم ذكره وعمله إلا من أهدى علمًا نافعًا فشكراً لمحاضر ولمعلم ومدرب وقائد كان حليمًا ورسم أملًا وغفر عن خطأ وصححهُ حبًا، فكثرة الأخيار تغلب حتمًا.