أمريكا وإستدامة الإرهاب في العالم !...
رحيم الخالدي
في إحدى قرى المجاهل في أمريكا الجنوبية، يستعمل كبار القرية مشروبا مخلوط من عدة أعشاب مخدرة، ومنها تحتوي على سميّة بدرجة معينة، وهذا يشربه مجموعة من الشباب وحسب إختيار الشخص، ليدخل في عالم الهلوسة، وهو بمثابة إختبار له ليعرف ماذا يحوي هذا العالم، ويعتبر أحد الطقوس المقدسة.
تعودنا منذ إحتلال العراق من قبل التحالف الدولي، منذ عام الفين وثلاثة الى يومنا هذا على الكذب المركب والملفق بطريقة هوليودية، تشبه الى حد كبير الأفلام التي نشاهدها بالقنوات الفضائية، وهذا هو تمهيد لقبولنا بالنتائج التي نحصل عليها من خلال الفبركة !.
أستذكر دخول الجيش العراقي الى الكويت في عام واحد وتسعين وتسعمائة والف، إثر الذريعة التي لم تكن بمستوى العذر، وتراكمت الأخبار السرية! ومنها الموافقة الأمريكية من قبل السفارة الأمريكية في بغداد! في عدم ممانعة واشنطن من دخول صدام للكويت! لكن بعد وقت قصير بدأت أمريكا بتطبيق سيناريو بإعداد العدة لدخولها الخليج، ليس لمحاربة صدام في أول الأمر، بل لحماية مصالحها في المنطقة، لكن بعد الإستكمال بدأت الوفود بالقدوم لبغداد، بغية إقناع صدام بالخروج منها، وكثيرون هم السياسيون الأمريكيون الذين أتوا ومنهم الملاكم كلاي، وبعد الرفض المستمر وإصدار قرار بضم الكويت، وجعلها محافظة تحول السيناريو الى منحى أكبر وأخطر مما بدا في أول الأمر، وهذه المرة بذريعة حماية المملكة العربية السعودية، ومن ثم التهيئة لصنع وتكوين قوة كبيرة سُميت في وقتها التحالف الدولي، كما جرى في عام الفين وثلاثة، وكل هذا السيناريو معد سلفاً لإدخال صدام والإنقضاض عليه، لان ورقته قد إحترقت بعد أداء مهمته في إيقاف إيران من تصدير الثورة لكل الدول المسلمة، والمسمى في وقته "المد الشرقي"، وهذا يقودنا الى أحد أبجديات سياسة "هنري كيسنجر"، في رسم خارطة العرب، بما يشاء سياسيوا رسم خارطة تتلائم مع التطلعات في الهيمنة على مقدرات الشعوب العربية.
بعد سقوط الموصل بطريقة مضحكة لم تتدخل أمريكا بشكل أو بآخر، علما أن العراق لديه إتفاقية دفاع تُلزم أمريكا بالتصدي لأي عدوان خارجي، فكيف برأيك أنها تتصدى لعدو هي من أنشأه! وهي من تدربه وتموله وترعاه؟ ولا ننسى كيف قامت بإعداد أسامة بن لادن في أفغانستان سابقاً، لطرد الإتحاد السوفيتي أيام الحرب الباردة .
عملية عاصفة الصحراء التي قادتها أمريكا ضد الجيش العراقي وإخراجه من الكويت، إستعملت أمريكا تقنية تسعينات القرن الماضي، فكانت ترى النملة التي تسير على الأرض، أمّا الآن فلا ترى قوافل داعش تذهب وتجيء من سوريا الى العراق وبالعكس، بأرتال كبيرة جداً معززة بالدبابات والمدرعات، التي إستولوا عليها من الموصل عند إنسحاب الجيش، وهي تمتلك أجهزة متطورة جداً وبإستطاعتها تدميرهم تدميراً كاملا بضرف أيام لا تتعدى الأسبوع !
بعد الإنتصارات المتلاحقة التي حققها الحشد الشعبي المقدس، الذي ضرب الأمثلة في الجود بالنفس والدم، وكل ما يملكون في سبيل تحرير العراق من رجس "داعش"، والفتوى المقدسة التي أطلقها المرجع الديني الأكبر قائد الحشد السيد السيستاني، قد خلطت الأوراق على أمريكا ومخططهم الإجرامي، في تقسيم العراق والرجوع به الى الحرب الطائفية، ولحرف الإنتصار عن مساره قررت التدخل لضرب الإنتصار في كبده، وللمحافظة على ما تبقى من مقاتليهم الذين دربوهم ورعوهم بأموال الخليج، واستقدام مقاتلين من الجيش الأمريكي للمشاركة بحرب ضد داعش كما يزعمون!.
هل تعتقد أمريكا ومن يقف في صفها، جادة هذه المرة في محاربة الإرهاب التكفيري، التي صرفت عليه أموال طائلة، إلا أن تكون قد هيأت لنا عدواً جديداً! بصورة تختلف عن مثيلها، كما بنت تنظيم القاعدة الذي إستبدلته بتنظيم الدولة؟ ومن يتوهم أن أمريكا صادقة في القضاء على الإرهاب فهو كمّن يحلم أنه في أرض الميعاد .