مثل جميع القطاعات في الوطن ،  لا يخلوا مجال الخدمات الجامعية من المشكلات ، و كونه من اكثر  القطاعات نقائصا على المستوى الوطني أصبح أمرا مسلما فيه ، فلا يكاد أحد الطلبة  يتحدث عن نقص او تجاوز حتى يُقذف اليه بتلك الجملة الجاهزة ( هذا هو قطاع الخدمات ) .و لعل ما يؤكد هذا الكلام الحوادث المأساوية العديدة ، منها موت طالبة في اقامة جامعية بورقلة ، و موت اخر بالعاصمة (رحمهم الله و اسكنهم فسيح جنانه )، انتهاءا بحادث انكسار الدرج بفتاة في اقامة بورقلة الذي لولا حفظ الله و ستره لانتهى بما لا يحمد عقباه . و من هنا فإننا نفهم الزامية  توفير هيئات نقابية تساعد على السير الحسن للمؤسسات الجامعية ،و الحفاظ على حقوق الطلبة ، و هذا هو الدور الذي انشئت من اجله النقابات الطلابية .

ان ممارسة الطالب للعمل النقابي يساعد على انشاء جيل قادر على ممارسة العمل السياسي و النشطوي  باحترافية بالغة ، و هذا ما كان حاصلا في فترات معينة من الزمن ، حيث انجبت النقابات كوادر كان لها الاثر البالغ في تغيير الكثير محليا  وعالميا ، و تخرجت منها اطارات لازالت تخدم البلاد ليومنا هذا ، لكن الامر لم يدم طويلا ، فتميّع عمل التنظيمات الطلابية اصبح واضحا ، ما جعل مصداقيتها تتراجع بشكل كبير لدى الطلبة - حتى لتكاد تنعدم - و هذا ما اوضحته الشعارات التي حملوها في حراكهم المبارك .

 ان الواقع المؤسف اليوم ، يملي على الطلبة بشكل فاضح ان لا يضعوا ثقتهم في التنظيمات الطلابية ، فرغم كثرتها الا اننا لا نجد تأثيرا واضحا لها على ارض الواقع ، فيمكن ان تلمس تباينا واضحا في مستوى الخدمات المقدمة من ولاية الى اخرى ، و احيانا حتى بين مديريتي خدمات جامعية في نفس الولاية ، و لا قدرة لأي من تلك النقابات على احداث تغيير واضح و ملحوظ ، و اصبحت فكرة ( تنظيم التونة ) هي الغالبة بين جموع الطلبة ، و هذا ما يرويه لنا العديد من النقابيين الذين فضلو العمل خارج اطار النقابات ، رغم ما في الامر من مخاطر عليهم .

في زمن النظام السابق ، طلبة في الجوع و اخرون في الخطر

الطالب ضحية ... اما النقابي الشريف فهو ضحيتان

اخذ بعض الطلبة على عاتقهم مهمة التغيير و التحسين ، و هذه الرغبة  نابعة من داخل انفسهم ، و لن يقدر على فهمها الا من مارس النقابة يوما ، فصحوة الضمير تملي عليه قول كلمة الحق ... و الحق علقم 
و لكن قانون ( الخايب يفسد على المليح ) اصاب الطلبة  باللبس فلا احد يمكنه انكار ان الاغلبية الساحقة من النقابيين ينظر اليهم من قبل الطلبة على انهم ( بايعين البارتي ) و يروون العديد من القصص التي تطعن في مصداقيتهم و هذا للأسف واقع صحيح في اغلب الاحيان ، فأصبح النقابي الناجح ( في نظر المسؤولين الفاسدين ) هو النقابي الذي يخدم مصالحه بعيدا عن الاضواء ،  اما الذي يخدم الطلبة فهو شخص ( تاع مشاكل) .

لولا المشقة لساد الناس كلهم ---- الجود يفقر و الاقدام قتال 

ان عدم اقدام اغلب الطلبة على المطالبة بحقوقهم و اكتفائهم بما يقدم لهم حتى و ان شح و قل ، يجعل النقابي الشريف في حالة ضعف ، بينما يجعل النقابي الذي يخدم مصالحه في حالة راحة ، فهو هكذا مطمئن لنصيبه من الكعكة الطلابية التي تم اقتسامها سلفا ، و لا يفصل بينه و بين نصيبه سوى بعض الاشاعات التي يطلقها على الشرفاء على طريقة ابن سلول ( و الله ما سلم منها و لا سلمت   منه ) و يبقى حب البعض للطعن في الاخرين دون تمحيص ، و رغبتهم  في القصص المثيرة التي تنزل بالأخرين من المقامات العالية - ما يكون مرضيا لعقد النقص  لديهم - هو ما يدفعهم الى تصديق تلك الاشاعات ، غير دارين بانهم يدمرون انفسهم و اقرانهم و اجيال قادمة بعدهم .
ان هذه الحرب الضروس التي دخلها الشريف تقوده الى خيارين : 
- اما ايجاد حلفاء ممن هم اقل فسادا لتنحية الفاسدين 
- او العيش تحت طائلة التهديدات ، و المضايقات 
تلك التهديدات و المضايقات التي لن يسلم منها في جميع الاحوال ، لكنه ان لم يضع سندا سيجد تلك التهديدات تجسد عليه دون أي فرصة منه للدفاع عن نفسه . و لكن هل يساند الشريف الخبيث ؟

الاسوئ من سرقتهم لأموال الطلبة ، سرقتهم لأحلامهم و آمالهم ...

جاء الحراك الشعبي الجزائري المبارك  مدافعا عن الحريات ، محاسبا للفاسدين و معيدا للحقوق المغتصبة ،  و الحراك الطلابي جزء لا يتجزأ منه ، لما اضافه من ثقل للقضية و لكون الطالب مسؤولا عن التغيير اكثر من اي فئة اخرى في المجتمع .  الا اننا نرى بان بعض الاطراف التي اعتادت الفساد لازالت تمارس سلطتها المشبوهة على الضعفاء بحق و بغير حق ، و تتفنن في اخضاعهم و اذلالهم بسادية اعتادوها ايام الفساد ، و الغرض الواضح من ذلك هو قمع الحريات .و كبح الطلبة  و تخويف كل من تسول له نفسه الدفاع عن حقه او المطالبة به ... او حتى ابداء رأيه 
و قد يصل الامر من بعض المسؤولين الى اللجوء للجهات الامنية و القضائية قصد تخويف الطالب بتدمير مستقبله ان هو طالب بحقوقه ، ما يعيد الذاكرة الى زمن النظام .

( يتنحاو قاع )  هل من العدل ان تشمل هذه العبارة المسؤولين في الخدمات الجامعية ؟

مع امال الشعب في بناء جزائر متطورة تساير ركب الدول المتقدمة ، فإلزامية توفير الجو الاجتماعي المناسب للطالب تصبح اولوية ، فهو حجر الاساس في  البناء و السير في تجارب الدول التي انتشلت من براثن الفساد و صعدت الى قمم العيش الكريم ، لا بشيء سوى العلم و العلماء ، و من هنا فقد كان من باب اولى ان يشمل الاصلاح هذه الهيئة قبل غيرها ، و يبقى حلم الطالب قائما ، بايجاد المدير الذين لا يظلم عنده احد .

بقلم محمد الطيب أمين دبة