يحل علينا شهر رمضان المبارك، شهر الصوم بالنسبة للمسلمين، حيث أنه الركن الرابع من أركان الإسلام، وصيامه هو الإمساك عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، هذا الشهر الذي يجتهد المسلمون في عبادة الله تعالى فيه أكثر من غيره من الشهور، لما فيه من الأجر الكثير والثواب العظيم، فيكثرون من الصلاة من خلال الصلوات الرواتب، وصلاة التراويح التي تعتبر أهم ما يميز رمضان من جانب الصلوات، إضافة إلى قراءة القرآن الكريم ومحاولة ختمه أكثر عدد ممكن من المرات، إلى جانب التصدق على الفقراء والمساكين، من خلال تقديم وجبات الفطور والصحور لهم، علاوة على أن رمضان فيه ليلة خير من ألف شهر، ألا وهي ليلة القدر، التي قال الله تعالى فيها : "إنا أنزلناه في ليلة القدر{1}ليلة القدر خير من ألف شهر" سورة القدر، وصوم رمضان سبب من أسباب غفران الذنوب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" رواه البخاري.
ثم إن العلماء والشيوخ والوعاظ يكثرون في هذا الشهر المبارك من إلقاء المحاضرات في بيان فضل رمضان عند الله، وبيان أهم الأحكام المتعلقة به، ويسترسل الأطباء المختصون فوائده ومنافعه على جسم الصائم.
أما ما أريد أن أتحدث عنه في هذا المقال، هو ماذا يعني شهر رمضان للغرب؟ وما هي وجهات نظرهم الشرعية والعلمية حوله؟
بداية نجد مستر كلارك أحد كبار معتنقي الإسلام والذي كان مديراً للأمن القومي في عهد الرئيس الأمريكي نيكسون يقول : "لقد كان الصوم سبباً في اعتناقي الإسلام لأنه كان علاجاً جذرياً لمرض الصداع النصفي الشقيقة الذي عانيت منه على مدى عمري الطويل دون أن يفلح علاج من العلاجات في خلاصي منه، وعندما قرأت قول النبي صلى الله عليه وسلم بدأت الصوم الإسلامي على عين أحد الأئمة، فما أن انتهى الشهر حتى اختفى الصداع نهائياً، والحمد لله رب العالمين".
وتقول مرغاريتا وهي مهتدية بريطانية : " منذ بدأت الالتزام بصيام شهر رمضان المبارك تعلمت فضائل كثيرة كنت أجهلها، مثل الصبر، والتحمل والتبرع للفقراء، والمساكين، واستطردت قائلة: أنه يجب على الإنسان سواء أكان مسلماً أو غير مسلم أن يدرك أن الله تعالى خلقنا لأداء واجبات معينة (العبادة) التي يندرج تحتها إتقان العمل وتطوير أنماط عيشنا بما يرتضي الله تعالى، ويعود علينا بالنفع"
وقال عالم الصحة الأمريكي ماك فون : "إن كل إنسان يحتاج إلى الصوم، وإن لم يكن مريضاً لأن سموم الأغذية تجتمع في الجسم، فتجعله كالمريض فتثقله ويقل نشاطه فإذا صام خف وزنه، وتحللت هذه السموم من جسمه، وتذهب عنه حتى يصفو صفاءً تامًا. ويستطيع أن يسترد وزنه ويجدد خلاياه في مدة لا تزيد عن 20 يوماً بعد الإفطار، لكنه يحس بنشاط وقوة لا عهد له بهما من قبل". وقد كان ماك فون يعالج مرضاه بالصوم وخاصة المصابين بأمراض المعدة.
ويقول القسيس كاريل الحائز على جائزة نوبل في الطب في كتابه (الإنسان ذلك المجهول): "إن كثرة وجبات الطعام ووفرتها تعطل وظيفة أدت دوراً عظيماً في بقاء الأجناس الحيوانية وهي وظيفة التكيف على قلة الطعام، ولذلك كان الناس يصومون على مر العصور، وإن الأديان كافة لا تفتأ تدعو الناس إلى وجوب الصيام والحرمان من الطعام لفترات محدودة، إذ يحدث في أول الأمر شعور بالجوع ويحدث أحياناً تهيج عصبي ثم يعقب ذلك شعور بالضعف، بيد أنه يحدث إلى جانب ذلك ظواهر خفية أهم بكثير فإن سكر الكبد يتحرك ويتحرك معه أيضًا الدهن المخزون تحت الجلد، وتضحي جميع الأعضاء بمادتها الخاصة من أجل الإبقاء على كمال الوسط الداخلي وسلامة القلب، وإن الصوم لينظف ويبدل أنسجتنا" والصوم الذي يقول به كاريل يطابق تماماً الصوم الإسلامي من حيث الإمساك فهو يغير من نظام الوجبات الغذائية ويقلل كميتها.
وأخيرا وليس آخرا كتب روبرت بارتول الطبيب الأمريكي الذي يعتبر من أنصار العلاج الدوائي للزهري قائلا : "لا شك في أن الصوم من الوسائل الفعالة في التخلص من الميكروبات، ومن بينها ميكروب الزهري، لما يتضمنه من إتلاف الخلايا ثم إعادة بنائها من جديد وتلك نظرية التجويع في علاج الزهري".
خلاصة القول، عندما نرى أهمية الصوم عند الغرب، لا يتسنى لنا إلا نقول سبحان الله الذي شرع الصوم في رمضان طاعة له سبحانه وتعالى ونفعا لنا، فإنه بالرغم من المشقة الظاهرة من صيام رمضان على جسم المسلم، إلا أن ما خفي فيه من فوائد ومنافع على الجسم أكثر من العناء المؤقت الحاصل في نهار رمضان.