كأس العالم 1950، كانت البرازيل تمتلك فريقاً مدججاً بالنجوم على رأسهم الحارس البهلواني باربوزا، في ذلك الوقت كانت الجماهير تطمح بالحصول على اول لقبٍ لبلادها..
المجموعة: اسبانيا، الاوروغواي، البرازيل، السويد.
المباراة النهائية بين الاوروغواي والبرازيل التي شهدتها ارضية ملعب الماراكانا وبعيون 200 ألف مشجع برازيلي متلهِّف للحصول على اول كأس عالم لمنتخب السامبا.
كانت البرازيل الأقرب لتحقيق اللقب لِلَّعِبِ بفرصة الفوز او التعادل على عكس الاوروغواي التي كانت تحتاج الى الفوز فقط مما اصعب المهمة عليهم.
كانت الصحف البرازيلية قد كتبت عن فوز منتخبها بلقب المونديال قبل النهائي بيوم والجماهير كذلك كانت متوقعة هذا الفوز بعد سلسلة انتصارات كاسحة لمنتخب البرازيل بستة اهداف لهدف امام اسبانيا وسبعة اهداف لهدف امام السويد.
تقدمت البرازيل بهدف وبدأ الملايين في ساو باولو وريو دي جانيرو وبرازيليا بالرقص على امل مرور الدقائق المعدودة لتحقيق المجد، لكن في الدقيقة ال66 سجل منتخب الاوروغواي هدف التعادل الا انَّ البرازيل لازالت اقرب للَّقب، مرت الدقائق والاوروغواي تزيد من ضغطها حتى جاءت لحظة الحسم واخطأ باربوزا حارس البرازيل وسمح لمهاجم الاوروغواي جيجيا بتسجيل هدف ساذج بعد ما ترك زاوية المرمى مفتوحة ظناً منه ان جيجيا يريد تمرير الكرة بالعرض!
عم الصمت في ارجاء الملعب... البرازيل خَسِرَت اللقب بسبب خطأ باربوزا الساذج!
أُطلِقَ على هذه المباراة "ماراكانزو" أي صدمة ماراكانا.
عقب المباراة انتحر بعض المشجعين واعلن اغلب لاعبي المنتخب اعتزالِهِم، واعتزل ايضاً اشهر مذيع برازيلي وقتها "اريباريتو" على الهواء مباشرةً.
أُعلِنَ الحداد الرسمي في البلاد.. فأقفلت المحلات وسُجِّلت المباراة ضمن الفلكلور الوطني للبلاد كما وقرر الاتحاد البرازيلي التخلّي عن الوان القميص البيضاء انذاك ليُستبدل باللون الأصفر الذي لا زال حتى الان، اعتباراً على أنَّه مصدرُ نحسٍ للمنتخب.
باربوزا اصبح اكثر الاشخاص المكروهين في البرازيل ما سبب له اكتئاب شديد، واصل باربوزا مسيرته الى انه لم يلعب بعد تلك الحادثة الّا مباراة واحدة مع المنتخب.
في عام 1962 واصل باربوزا مشواره الكروي مع فريق متواضع هو "كامبو جراندي" وفي احد المباريات التي لم يحضرها سوى 400 شخص، حلَّق بالهواء وتصدى بشكل رائع ادى ذلك الى اصابته بجرح عميق في عضلة الفخذ بعد سقوطه بشكل عنيف.
اثناء خروجه من الملعب رفقة الطبيب صفق الحضور له وهتفوا باسمه، كان سعيداً جداً بذلك وكأن أؤلئك ال400 شخص عوضوه عن حزنه المُتسبب من 200 ألف مشجع في الماركانا قبل 12 عاماً.
بعد سنوات من ذلك النهائي دخل باربوزا احد المتاجر وشاهد سيدةً تمسك بطفل حيث اشارت السيدة بيدها اليه وقالت لولدها: انظر بُنَيّ، ذلك الرجل جعل البرازيل تبكي يوما ما.
بعد ما اجبر الفيفا مسؤولي الماراكانا بتغيير المرمى من عوارض خشبية الى معدنية نظراً لتطور القوانين، طلب باربوزا من ادارة الملعب منحه عوارض المرمى الثلاث، فأخذها وقام بحرقها، املاً ان تحترق معها كل الذكريات المؤلمة بداخله.
حاول باربوزا الابتعاد عن الانظار عندما بدأ العمل كموظف عمومي في حمامات استاد الماركانا وكان ذلك مصدر عيشُهُ الوحيد لمدة 30 عاماً.
في عام 1994 وفي فترة اعداد المنتخب البرازيل لكأس العالم في امريكا، اختارتهُ قناة الBBC البريطانية ليتحدث مع الحارس تافاريل، لكن للأسف طاقم المنتخب رفض ذلك باعتباره فأل شؤم.
زاد ألم باربوزا كثيراً لهذا الرفض، وبعد عام من هذه الحادثة أكد في مقابلة صحفية قائلاً: ان اطول عقوبة في تاريخ البرازيل كانت 30 عاماً، أعتقد انه تمت معاقبتي 13 عاماً اضافياً أي 43 عاماً.
تُوفي في السابع من ابريل عام 2000 عن سنٍ يناهز 79 عاماً دون ان يشفى جرحه الذي ضل مفتوحاً على مدار 50 عاماً.