لقد انتج النظام السابق الذي حكم الجزائر ما يقارب العشرين عاما العديد من الاطارات ، و من النادر ان نجد من هؤلاء ، شخصيات لم تزل اقدامها في وحل الفساد ، خاصة اولئك الذين تخمروا و نضجوا في فرن النظام ، الا اننا لا نستبعد وجود هذا النوع ، فكثيرا ما نسمع قصصا من افراد عن مسؤول ما – بغض النظر عن منصبه – يشهدون له بالكفاءة و نبل السيرة و العمل الحسن ، او يختصرها البعض - ممن لا علاقة له بالتطبيل - بعبارة ( هذاك ناس ملاح ) ، حكم يطلقه نفس المواطن الثائر الذي اطلق على اطار غيره عبارة ( هذاك شيات ) ، و غالبا ما تكون تلك الآراء مبنية على تجارب شخصية مع ذلك الاطار ، و قد يبنى الحكم على مقولة ( سمعت قالو ).
(( الويل لمن اشيرت له الاصابع و لو بالخير ))
ان تضارب الشهادات يتجلى لك مع انتقالك من شارع الى الشارع المجاور له ، او حتى من انتقالك من الشخص الى شخص المحاذي له ، فيأمّن لك من خوّنه الاخر و يخوّن الامين لدى السابق ، ما لا يترك المجال لأحد كي يسلم .
خرج الشعب مطالبا بالتغيير ... نغير رموز النظام بمن ؟ و هل التزكية الشعبوية امر كاف للاختيار القيادات ؟
لو جمعنا هؤلاء المشهود لهم من قبل الشعب - بافتراض انهم نزيهون فعلا- لوجدنا بين ايدينا عددا معتبرا من الاطارات ذوي الخبرة الميدانية والذين تتوفر فيهم جميع الشروط اللازمة لقيادة المرحلة المقبلة . ان المشكلة العويصة هنا تكمن في ان اغلبهم بعيد كل البعد عن التغطية الاعلامية ، ما لا يعطي أي مجال لتكافئ الفرص على معيار الكفاءة ، فالتزكية في حق هؤلاء لا تتعدى افرادا لا يفوقون اصابع اليد ممن تعاملوا معهم و ايقنوا اخلاص نيتهم في العمل ... و حتى لو استبعدناهم من مراكز قيادية ، هل تضمن لهم تلك الشهادات الطفيفة صك الغفران و النجاة من نار التخوين ؟
بعد كسير و عوير نأمل في الناس الخير
المنبر خال امام الجميع ، الا اننا نجد ان كل الاشخاص القادرين على قيادة مرحلة ما بعد الحراك الشعبي ، يمتنعون عن الصعود خوفا من تلك النيران التي لا تبقي و لا تذر ، ما يؤكد ان اطلاق الاحكام و الصاق صفة ( جماعة الكاشير ) بالجميع سيعود بالسلب على الحراك الذي جاء اساسا من اجل اعلاء كعب الشرفاء القادرين على النهوض بالبلاد و اللحاق بركب دول العالم الاول .ان اختلاف المستويات الفكرية و التعليمية للشعب الثائر يجعل امر التخوين دون تمحيص امرا وارد الحدوث ، الا ان صوت التصحيح يبقى خافتا غير مسموع ، لانه بدوره خائف من ان يرتديه وصف ( شيات ) فما ان يطلق احدهم تلك الكلمة على احد حتى يتناقلها الجميع دون ان ينظر احدهم الى مصدرها .
الشعب كفيل بمحاسبة الفاسدين ... و براءة الابرياء بيد من ؟
ان محاسبة الجميع على اخطاء (الجمع) على غرار عبارة ( يتنحاو قاع ) قد يجعل نيران التخوين و الانتقاد تلفح من لا ذنب له ، لذا فقد وجب الحذر بل و شديد الحذر من الوقوع في خطئ استبعاد الشرفاء – هذا الاستبعاد الذي ربما قد يكون مقصودا من جهات معينة – فيكون ظلما في حق انفسنا قبل ان يكون ظلما في حقهم ، لنستحق حينها عدالة الله التي لن تتوانى في انصاف المظلومين , و من جهة اخرى نكون قد حققنا مراد الجهات التي تريد استبعاد (الشرفاء).
بعد كسير و عوير نأمل في الله الخير
بقلم محمد الطيب امين دبه